كتاب الحج (للشاهرودي) المجلد 5

اشارة

نام كتاب: كتاب الحج

موضوع: فقه استدلالى

نويسنده: شاهرودى، سيد محمود بن على حسينى

تاريخ وفات مؤلف: 1394 ه ق

زبان: عربى

قطع: وزيرى

تعداد جلد: 5

ناشر: مؤسسه انصاريان

تاريخ نشر: ه ق

نوبت چاپ: دوم

مكان چاپ: قم- ايران

مقرر: شاهرودى، ابراهيم جناتى

تاريخ وفات مقرر: ه ق

ملاحظات: اين كتاب از روى نسخه اى كه در سال 1381 ه ق در چاپخانه قضاء در نجف اشرف به چاپ رسيده افست شده است

الجزء الخامس

[تتمة شرح كتاب الحج من شرائع الإسلام]

[تتمة الركن الثاني في أفعال الحج]

[القول في السعي]
اشارة

القول في السعي

[و مقدماته عشرة]

و مقدماته عشرة (1) كلها مندوبة الطهارة (2)

كتاب الحج

(1) و في الدروس أربعة عشر و لكن المستفاد من الاخبار المأثورة عنهم عليهم السلام أكثر منها و سيظهر لك ذلك في المباحث الآتية في ضمن ذكر الاخبار اللهم الّا أن يناقش في بعضها بعدم كونه من مقدمات السعي و مستحباته لورود الأمر به بعد الفراغ من صلاة الطواف فيحتمل كونه مستحبا برأسه كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه).

(2) ما أفاده المصنف (قدس سره) من استحباب الطهارة من الأحداث في السعي مما هو المعروف بين الأصحاب رضوان اللّه تعالى عليهم بل في الجواهر: (وفاقا للمشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا و في محكي المنتهى نسبته إلى علمائنا مشعرا به، بل هي كذلك إذ لم يحك الخلاف فيه إلا عن العمّاني) و كيف كان فقد استدل لذلك بأمرين:

الأول- الإجماع. و فيه ما ذكرناه غير مرة في المباحث السابقة من ان المعتبر منه هو التعبدي الموجب للعلم بصدور الحكم عن المعصوم عليه السلام دون المدركي، و في المقام يحتمل أنّ يكون مدركه الأمر الآتي، فالعبرة بالمدرك ان تم دونه.

الثاني- خبر يحيى الأزرق قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: رجل سعى بين الصفا و المروة فسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم بال ثم أتم سعيه

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 10

..........

بغير وضوء؟ فقال: لا بأس و لو أتم مناسكه بوضوء لكان أحبّ إليّ «1» ينبغي هنا التنبيه على أمرين:

الأول- انّه قد يقال بوقوع المعارضة بين خبر يحيى الأزرق و خبر محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن بن فضال.

قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): لا تطوف و لا تسعى الا بوضوء «2» و صحيح

الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن المرأة تطوف بين الصفا و المروة و هي حائض؟ قال: لا كان اللّه تعالى يقول إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ «3»، و ذلك لدلالتهما على عدم جواز السّعي بين الصّفا و المروة إلا مع الوضوء و هذا بخلاف خبر يحيى الأزرق، لدلالته على جوازه بدونه و لكن التحقيق: انه لا معارضة بينهما، و ذلك لان الجمع العرفي يقتضي حمل صحيح محمد بن مسلم و خبر ابن فضّال الظّاهر في وجوب الوضوء للسعي على الاستحباب بقرينة قوله (عليه السلام) في خبر يحيى الازق: (لا بأس) لكونه نصا في الجواز، و قد ذكرنا غير مرّة في المباحث التي تقدم ذكرها إن حكومة النّص على الظاهر من أجلى الحكومات، كما انه ترفع اليد عن ظهور: (لا بأس) في الإباحة بقرينة قوله (عليه السّلام) في ذيل خبر يحيى الأزرق: (و لو أتم مناسكه بوضوء لكان أحبّ إلي) و قوله (عليه السلام) في خبر ابن فضّال: (لا يطوف و لا يسعى الا على وضوء) لكونه نصّا في رجحان السّعي مع الوضوء، و من المعلوم ان الجواز مع الرجحان هو الاستحباب، فتدبر

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب السعي الحديث 6.

(2) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب السعي الحديث 7.

(3) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب السعي الحديث 3.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 11

و استلام الحجر (1) و الشرب من زمزم (2) و الصب على الجسد من مائها من

الثاني- انه قد صرح جماعة من الفقهاء (قدس اللّه تعالى أسرارهم) باستحباب الطهارة من الخبث في السّعي و لكن الظّاهر: انه لا دليل عليه سوى مناسبة التّعظيم.

(1)

لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إذا فرقت من الركعتين فأت الحجر الأسود فقبله و استلمه و أشر إليه، فإنه لا بد من ذلك. إلخ «1» ينبغي هنا الإشارة إلى أمرين الأول- ان ظاهر الصحيح- كما ترى- الجمع بين الإشارة و الاستلام الثاني- ان ظاهره وجوب الاستلام و الإشارة، و لكن تسالم الأصحاب على عدم الوجوب قرينة على رفع اليد عن هذا الظّهور، و أما الاستحباب فلا وجه لرفع اليد عنه، فتدبر:

(2) لقوله (عليه السلام) في الصحيح المتقدم: ان قدرت ان تشرب من ماء زمزم قبل ان تخرج إلى الصفا فافعل و نقول حين تشرب، اللّهم اجعله علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كل داء و سقم، قال: و بلغنا ان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) قال: حين نظر إلى زمزم لو لا ان أشقّ على أمّتي لأخذت منه ذنوبا أو ذنوبين «2» و لذيل حسن الحلبي الآني.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 12

الدلو المقابل للحجر (1) و ان يخرج من الباب المحاذي للحجر (2) و ان

(1) لقوله: عليه السلام في صحيح عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يستحب ان يستقى من ماء زمزم دلوا أو دلوين فتشرب منه و تصب على رأسك و جسدك و ليكن ذلك من الدّلو الّذي بحذاء الحجر «1».

و لقوله عليه السلام في حسن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا فرغ الرجل من طوافه و صلى ركعتين فليأت زمزم و يستق منه

ذنوبا أو ذنوبين فليشرب منه و ليصبّ على رأسه و ظهره و بطنه. إلخ «2» لا يخفى: ان ظاهر إطلاق الأمر في جميع ما تضمنته الأخبار المتقدّمة هو كونه بداعي الجدّ و لا قرينة في البين على النّدب إلا بالنّسبة إلا الاستقاء لان قوله (صلّى اللّه عليه و آله) في الصحيح المتقدم (لو لا ان أشقّ على أمّتي لأخذت منه ذنوبا أو ذنوبين) قرينة على النّدب كما هو واضح.

و اما بالنسبة إلى الباقي فترفع اليد. عن ظاهر إطلاق الأوامر لأجل تسالم الأصحاب على الخلاف:

(2) ما افاده المصنف من استحباب خروجه من الباب المحاذي للحجر مما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه كما عن المنتهى و التذكرة الاعتراف به أيضا تأسّيا بالنّبي (صلى اللّه عليه و آله).).

و يدل عليه قوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمّار: ان رسول اللّه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 4.

(2) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب السعي الحديث 2.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 13

يصعد الصفا (1) و يستقبل الركن العراقي و يحمد اللّه و يثنى عليه و ان يطيل الوقوف على الصفا و يكبر اللّه سبعا و يهلله سبعا و يقول لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حي لا يموت بيده الخير

(صلى اللّه عليه و آله) حين فرغ من طوافه و ركعتيه قال: ابدأوا بما بدء اللّه عزّ و جلّ به من إتيان الصّفا ان اللّه عزّ و جلّ يقول (إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ) قال أبو عبد اللّه (عليه

السلام) ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و هو الباب الّذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي و عليك السّكينة و الوقار «1» و لا قرينة على استحباب الخروج من الباب المحاذي للحجر إلا الإجماع، فتدبر.

(1) استحباب الصّعود على الصفا مما لا اشكال فيه، لقول الصادق (عليه السّلام) في حسن معاوية بن عمّار الآتي: (فاصعد على الصّفا حتى تنظر إلى البيت. إلخ) «2».

ينبغي هنا الإشارة إلى أمر و هو ان ظاهر المصنّف و غيره إطلاق استحباب الصّعود على الصفاء و يشمل ذلك الرّجل و المرأة إلا ان الفاضل على ما حكى في الجواهر خص الحكم بالرّجل، و لعل وجه ذلك هو صحيح ابن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن النّساء يطفن على الإبل و الدّواب أ يجزيهنّ ان يقفن تحت

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب السعي الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 4 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 14

و هو على كل شي ء قدير ثلاثا و يدعو بالدعاء المأثور (1)

الصفا و المروة؟ فقال: نعم بحيث يرين البيت «1» فتأمل.

(1) يدل على جميع ما افاده المصنّف هنا حسن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث، قال: فاصعد على الصّفا حتى تنظر إلى البيت، و تستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود، فاحمد اللّه (عز و جل) و أثن عليه، ثم اذكر من آلائه و بلائه، و حسن ما صنع إليك، ما قدرت على ذكره، ثم كبر اللّه سبعا، و هلله سبعا، و قل لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك

و له الحمد، يحيى و يميت، و هو حيّ لا يموت، و هو على كل شي ء قدير ثلاث مرات، ثم صلّ على النبي (صلى اللّه عليه و آله) و قل اللّه أكبر الحمد للّه على ما هدانا، و الحمد للّه على ما أولانا، و الحمد للّه الحي القيوم و الحمد للّه الحي الدائم ثلاث مرات و قل اشهد ان لا إله إلا اللّه و اشهد ان محمدا عبده و رسوله لا نعبد إلا إيّاه مخلصين له الدّين و لو كره المشركون ثلاث مرات، اللّهم إني أسألك العفو و العافية و اليقين في الدّنيا و الآخرة ثلاث مرات، اللّهم آتِنٰا فِي الدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنٰا عَذٰابَ النّٰارِ ثلاث مرات، ثم كبر اللّه مأة مرة، و هلل مأة مرة، و أحمد اللّه مأة مرة، و سبح اللّه تعالى مأة مرة و تقول: لا إله إلا اللّه وحده (و) أنجز وعده، و نصر عبده و غلب الأحزاب وحده، فله الملك و له الحمد وحده وحده، اللّهم بارك لي في الموت و فيما بعد الموت، اللهم إلا أني أعوذ بك من ظلمة القبر، و وحشته، اللّهم أظلني في ظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلا ظلّك، و أكثر من ان تستودع ربك دينك و نفسك و أهلك، ثم نقول: استودع اللّه الرّحمن الرّحيم الّذي لا تضيع ودائعه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب السعي الحديث 1.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 15

..........

ديني و نفسي و أهلي اللهم استعملني على كتابك و سنة نبيك و توقني على ملته و أعذني من الفتن ثم تكبر ثلاثا ثم تعيدها مرتين ثم تكبر واحدة ثم تعيدها فان لم

تستطع هذا فبعضه «1» و روي غير ذلك و أنه ليس فيه شي ء موقت «2» و قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) ان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) كان يقف على الصفا بقدر ما يقرء سورة البقرة مترتلا (سلا خ ل. إلى غير ذلك من النصوص الدالة على ما افاده المصنف في المقام.

استحباب اطالة الوقوف على الصفا و يدل على استحباب اطالة الوقوف علي الصفا مضافا إلى ذيل خبر المتقدم خبر حماد المنقري قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام): ان أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا «3» و نحوه من الاخبار.

و اما خبر عمر بن يزيد قال كنت في ظهر أبي الحسن موسى عليه السلام على الصفا و على المروة و هو لا يزيد على حرفين اللهم أني أسئلك حسن الظّن بك في كل حال و صدق النية في التوكل عليك «4» فلا ينافي خبر المتقدم:

أما أولا: فلا رسالة.

و اما ثانيا: فلكونه محمولا على الجواز فلا ينافي الاستحباب و اما

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 3

(3) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 1

(4) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 6

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 16

..........

[في واجبات السعي]

(في واجبات السعي) و الواجب فيه أربعة (1) النية (2)

ثالثا فلا مكان حمله على تكرار هذا الدعاء أو الاقتصار عليه مع اطالة الوقوف، فتأمل:

ينبغي هنا الإشارة إلى أمر و هو أنه هل ورود دعاء مخصوص على الصفا أو لا؟ يمكن ان يقال باعتبار الدعاء الوارد في حديث جميل قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه

السلام) أهل من دعاء موقت أقوله على الصفا و المروة؟ فقال: تقول إذا وقفت (صعدت خ ل) على الصفا لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيى و يميت و هو على كل شي ء قدير «1» و لكن ينفي ذلك خبر عمر بن يزيد المتقدم و يحمل على الاستحباب المؤكد

(1) و في الدروس عشرة ضاما لها بعض ما تسمعه من الأحكام و المقارنة و نحو ذلك على ما افاده صاحب الجواهر.

(2) بلا خلاف بل الإجماع بقسميه عليه، كما في الجواهر، لكونه من العبادات المتوقفة على النية فيجب ان تكون النية مقارنة لأول السعي كغيره من الأعمال.

و اما قصد الوجه و غيره عدي القربة فلا يعتبر فيها و يستديم حكمها إلى آخره مع الاتصال، و اما مع الانفصال فذهب بعض إلى أنه يجددها ثانيا

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب السعي الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 17

و البدئة بالصفا و الختم بالمروة (1)

فيما بعده) و لكنه لا دليل عليه بل مقتضى إطلاق الأدلة خلافه فيكفي العود بنية إتمام العمل السابق بل قد يقال بكفاية إتمامه و ان غفل عن الاولى حين الشروع ثم تنبه بعد ذلك- كما افاده صاحب الجواهر- و اما الاحتياط فهو مطلب آخر.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب رضوان اللّه تعالى عليهم قديمه و حديثا بل في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه. إلخ) و يشهد له جملة من النصوص الآمرة بها- منها:

1- ما في (ذيل حديث معاوية بن عمار و هو قوله (عليه السلام): (. ثم طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة ثم قصر «1»

2- ما رواه سماعة قال سألته عن السعي بين الصفا و المروة قال إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أول الوادي فاسع حتى تنتهي إلى أول زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة فإذا انتهيت اليه فكف عن السعي و امش مشيا و إذا جئت عند المروة فابدأ من عند الزقاق الذي و صفت لك فإذا انتهيت إلى الباب الذي قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي و امش مشيا و انما السعي على الرجال فليس على النساء سعى «2».

3- حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حين فرغ من طوافه و ركعتيه قال: ابدؤا بما بدأ اللّه به من إتيان الصفا ان اللّه عز و جل يقول إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 4

(3) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 7

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 18

..........

و نحوهما غيرها من الاخبار.

و يشهد أيضا لذلك الأخبار الآمرة بالإعادة للمبتدئ بالمروة و في بعضها كما لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء- منها:

1- خبر علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا؟ قال: يعيد، الا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء أراد ان يعيد الوضوء «1».

2- خبر على الصائغ قال: سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام) و انا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا؟ قال: يعيد الا ترى أنه لو بدأ بشماله

كان عليه ان يبدأ بيمينه ثم يعيد على شماله «2».

3- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى و يبدأ بالصفا قبل المروة «3».

4- ما عنه أيضا قال (عليه السلام) و ان بدأ بالمروة فليطرح ما سعى و يبدأ بالصفا «4».

ينبغي هنا التّنبيه على أمور الأول- ان البدأة بالصفا انما يتحقق بإلصاق عقبه به، و حكي عليه الاتفاق، بل قيل أنه مقتضى إطلاق الأدلة.

و لكن هذا الحكم مما لا يخلو من الاشكال، و ذلك بعد ملاحظة الروايات

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب السعي الحديث 4

(2) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب السعي الحديث 5

(3) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب السعي الحديث 1

(4) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب السعي الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 19

..........

الدالة على جواز السعي راكبا.

و اما مقتضى إطلاق الأدلة فيمكن ان يقال بخلافه لأنه ليس فيها إلا السعي بينهما الذي يتحقق بالوصول اليه و بالانتهاء إلى ما يحاذي الابتداء من دون احتياج إلى إلصاق عقبه أو عقبيه به و من دون احتياج إلى إلصاق أصابعه بموضع العقب فيما إذا عاد لكي يحصل الاستيعاب، فعليه لا يبقى مجال للقول بان مقتضى المقدمة العلميّة هو الصّعود قليلا للعلم بأنه سعى بينهما كغسل جزء من الرأس في الوضوء و صيام جزء من الليل في صوم اليوم فتدبّر.

(الثاني) أنه على فرض لزوم الاحتياط فاللازم للصادق البدن بالصفا و لا يكفي مجرد إلصاق العقب به لنسبة السعي إلى البدن لا اليه كما لا يخفى فتدبر.

الثالث ان مقتضى إطلاق الأدلة عدم وجود كون السّعي في الخطّ المستقيم،

و لا في خط واحد و لو لم يكن مستقيما، لصدق السعي بينهما به و بغيره، بل ما دل على جواز السّعي راكبا كالصريح بخلافه، كحديث الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن السّعي بين الصفا و المروة على الدّابة؟ قال: نعم و على المحمل «1» و في حديث معاوية عنه (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يسعى بين الصّفا و المروة راكبا؟ قال: لا بأس و المشي أفضل «2» و المفهوم من الأخبار أن الأمر أوسع من ذلك، فإن السّعي على الإبل الذي دلّت عليه الاخبار و ان النبي (صلى اللّه عليه و آله) كان يسعى

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 20

..........

على ناقته لا ينفق فيه هذه المداقة و التّضييق بل يكفي الأمر العرفي مضافا إلى أنه لو قلنا بلزوم ذلك وجب اتحاد جميع نقاط الخطّ و الضّرورة على خلافه فتحصّل عدم احتياج إلصاق أصابع قدميه بموضع عقبه أولا.

الرابع- ان عرض جبل المروة يكون أزيد من جبل الصّفا و لكن يجب ان يكون في جميع سيره بحيث يكون أحد طرفيه جبل مروة و الطرف الآخر جبل الصّفا و لا يكفي أحد طرفيه جبل مروة و ذلك لان الواجب السعي بينهما.

الخامس- أنه يجزى السعي في الطبقة الفوقانية التي بنوها في زماننا لعدم كونها أرفع من الجبل فيصدق السعي بين الصفا و المروة فيها و كذلك يجزي في الطبقة التحتانية لعدم كون الجبل على الأرض فقط، لكونه داخلا في الأرض، و لعل الداخل منه فيها أزيد من الخارج بكثير هذا بناء على

عدم انصراف الاخبار عنه فتدبر.

السادس- أنه لو بدأ بالمروة و لو سهوا فذهب بعض إلى أنه يستأنف و لا يجزيه ان يجعل الرجوع من الصفا أول السعي بعد ان لم يكن هو ابتداء سعيه.

تفصيل الكلام في ذلك هو أنه (تارة) يتكلم فيه على ما تقتضيه القاعدة و (اخرى) على ما تقتضيه الأخبار.

اما (على الأول): فلا مانع من ان يجعل الرجوع من الصفا أول سعيه لعدم اشتراط كونه قاصدا لعنوان الابتداء من الصفا لعدم الدليل عليه فيقع أولا قهرا بعنوانه بعد بطلان الشوط الأول من المروة إلى الصفا.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 21

..........

و أما (على الثاني) فإن قلنا بظهور الأخبار المتقدمة في صدر البحث بطرح جميع ما مضى اتّجه الحكم بلزوم الاستيناف خلافا لمقتضى القاعدة و ان قلنا بالإجمال فمقتضى الاحتياط التتميم أو لا مع عدم طرح غير الشوط الأول ثم الاستيناف، لا ان مقتضى الاحتياط طرح جميع ما مضى لمكان احتمال حصول الزّيادة العمدية و لا يشترط الموالاة في أثناء السعي حتى يقال بقطعه لما مضى ثم الاستيناف.

و كيف كان فقد صرّح غير واحد الى لزوم الاستيناف، لظاهر النصوص المتقدمة المشتملة على قوله (عليه السلام): (يعيد) و يبدء بالصفا قبل المروة و قوله: (فليطرح ما سعى و يبدأ بالصفا) بل يقتضيه ما تضمن اعتبار البدأة بالصفا لفواتها.

و قد يظهر من الجواهر الميل الى الاجزاء، لظاهر التّشبيه بالوضوء حيث قال بعد ذكر اخبار المقام: (قلت و مقتضى التّشبيه المزبور الاجتزاء بالاحتساب من الصفا إذا كان قد بدأ بالمروة، ثم بالصفا و لا يحتاج إلى إعادة السعي بالصفا جديدا، كما صرح به بعض الناس و ان كان هو أحوط بل ربما أمكن دعوى ظهور النصوص السابقة

فيه.)

و قد أشكل عليه اما (على الأول): فلقصور التشبيه عن التعرض لهذه الجهة و أما (على الثاني): فلظهور النّصوص فيما ذكر.

السابع- انه يجب ان يبتدأ من الصفا و يختم بالمروة فلا يكفي السعي في جنب الجبلين نعم لو بدأ بالصفا و ختم بالمروة و لكن خرج في أثناء السعي بمقدار قليل عن الخط المستقيم المتصل رأساه بالجبلين أجزاء لصدق

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 22

و ان يسعى سبعا يحتسب ذهابه شوطا و عوده آخر (1)

عنوان البين من باب المسامحة العرفيّة و المسامحة في المفهوم لا في التطبيق.

الثامن- قال في الجواهر حكى جماعة من المؤرخين حصول التغيير في المسعى في أيام المهدى العباسي على وجه يقتضي دخول المسعى في المسجد الحرام و ان هذا الموجود الآن مسعى مسجد و من هنا أشكل الحال على بعض باعتبار عدم إجزاء السعي في غير واد الذي سعى فيه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) كما أنه أشكل عليه إلحاق أحكام المسجد لما دخل منه فيه و لكن العمل المستمر من سائر الناس في جميع هذه الأعصار يقتضي خلافه و يمكن أن يكون المسعى كان عريضا قد ادخلوا بعضه و ألقوا بعضا كما أشار إليه في الدروس و روى ان المسعى اختصر «1».

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب قديما و حديثا، بل في الجواهر:

بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه.) و يدل عليه- مضافا الى ما ذكر- ذيل صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ثم طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصّفا و تختم بالمروة «2» فما افاده المصنف- قدّس سرّه- متين فيحصل بالذّهاب أربعا من الصّفا إلى المروة و بالإياب ثلاثا منها

إليه سبعة أشواط

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 23

..........

ينبغي هنا ذكر أمور الأول- انه قد صرح غير واحد من الأصحاب وجوب السعي ذهابا و إيابا في الطريق المتعارف، لانه المعهود.

الثاني- قد صرّح ايضا غير واحد بوجوب استقبال المقصد في ذهابه و إيابه بوجهه فلو اقتحم المسجد الحرام و خرج من باب آخر أو سلك سوق الليل لم يجز و كذا لو اعرض عن المقصد بوجهه أو مشى القهقرى و قد استدل على وجوب استقبال المقصد بوجوه الأول- ما دل «1» على ان من سهى عن السعي حتى يصير من المسعى على بعضه أو كله ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا و لكن يرجع الى القهقري الى المكان الذي يجب فيه السعي، و فيه انه مضافا الى ضعف سنده يحتمل ان يكون لزوم الرجوع الى القهقري حكما نفسيا.

الثاني- انه المتعارف في زمان الأئمة (عليهم السلام) دون كيفيّة أخرى لأنه المتعارف عند العرف. و (فيه): انه لعله من جهة كون المشي العرفي كذلك، و قد ذكرنا غير مرة ان الفعل إذا كان جاريا على طبق ما هو المتعارف المعتاد عند العرف لم يدل على المطلوبيّة أصلا و لو استحبابا و ذلك نظير ما ورد في الوضوء في بيان فعله (صلى اللّه عليه و آله) من انه غسل من الأعلى فإن المتعارف من غسل الوجه هو الغسل من الأعلى دون العكس ففعله لا يدل على شي ء، و ما نحن فيه من هذا القبيل.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب السعي الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص:

24

..........

[في مستحبات السّعي]

(في مستحبات السّعي) و المستحب أربعة ان يكون ماشيا (1) و لو كان راكبا جاز (2)

الثالث ان القدر المتيقن من الاجزاء هو السعي في حال استقبال نحو المقصود دون غيره، فلا بد من الاحتياط، و فيه: انه انما تصل النوبة إلى الاحتياط إذا لم يكن المورد مجرى للبراءة، أو أصل آخر، و من المعلوم ان المرجع فيما نحن فيه هو البراءة، للشك في قيد زائد و هو وجوب استقبال المقصود، و لكنه مع ذلك كله لا تخلو المسألة من تأمل.

الثالث من الأمور- انه لا بأس بالالتفات بالوجه مع بقاء مقاديم البدن على حالة الاستقبال، و ذلك للإطلاق بل لو رجع القهقرى في الأثناء ثم عاد لا بقصد الجزئية للسعي لم يقدح في الصحّة و سيجي ء تفصيل الكلام عند ذكر المصنف حكم الزّيادة

(1) هذا هو المعروف بين الفقهاء (قدس اللّه تعالى أسرارهم) و استدل له في الجواهر: بأنه أحمز و أدخل في الخضوع و قد ورد «1» ان المسعى أحبّ الأراضي الى اللّه، لانه تذلّ فيه الجبابرة)

(2) أما جواز السعي راكبا فمها لا ينبغي الإشكال فيه و هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل قد نفى عنه الخلاف و ادعى عليه الإجماع بقسميه و قد استدل له بجملة من النصوص المروية عنهم (عليهم السلام)- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب السعي الحديث 14 مع اختلاف في اللفظ رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ما من بقعة أحب الى اللّه من المسعى، لانه يذل فيه كل جبار

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 25

و المشي على طرفيه (1) و الهرولة ما بين المنارة و زقاق العطارين ماشيا

كان أو راكبا (2)

1- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) عن المرأة تسعى بين الصفا و المروة على دابة أو على بعير؟ قال: لا بأس بذلك قال:

و سألته عن الرجل يفعل ذلك؟ فقال: لا بأس «1» 2- ما عنه ايضا قال: سألته عن الرجل يسعى بين الصّفا و المروة راكبا؟ قال: لا بأس و المشي أفضل «2» 3- حسن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن السعي بين الصّفا و المروة على الدّابة؟ قال: نعم و على المحمل «3» 4- ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول احدثني أبي ان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) طاف على راحلته و استلم الحجر بمحجنه و سعى عليها بين الصفا و المروة «4» الى غير ذلك من الاخبار المروية عنهم (عليهم السلام).

(1) ما افاده المصنف (قدّس سرّه) من استحباب المشي على طرفي المسعى أي أول السعي و آخره أو طرفي المسعى مما هو المعروف بين الأصحاب و يدل عليه ما يأتي من الاخبار.

(2) ما أفاده قدّس سره من استحباب الهرولة في السعي مما لا ينبغي الإشكال فيه و هو المعروف بين الفقهاء (قدس اللّه تعالى أسرارهم) قديما

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 3

(2) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 1

(4) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب السعي الحديث 6

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 26

..........

و حديثا، بل قد نفى عنه الخلاف، و ادعى عليه الإجماع بقسميه، و استدل له بحسن معاوية بن عمار عن أبي

عبد اللّه (عليه السلام) قال: ثم انحدر ماشيا و عليك السّكينة و الوقار حتى تأتي المنارة و هي طرف المسعى، فاسع مل ء فروجك [1] و قل بسم اللّه و اللّه أكبر و صلّى اللّه على محمد و آله و قل: اللّهم اغفر، و ارحم و اعف عما تعلم، انك أنت الأعز الأكرم حتى تبلغ المنارة الأخرى قال: و كان المسعى أوسع مما هو اليوم، و لكن الناس ضيّقوه، ثم امش و عليك السكينة و الوقار، فاصعد عليها حتى يبدو لك البيت فاصنع عليها كما صنعت على الصفا، ثم طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا و تختم بالمروة ثم قصر «1» و نحوه غيره من الاخبار الآتية ينبغي هنا الإشارة إلى أمرين الأول- ان الهرولة تختص بالرجال لجملة من الاخبار- منها:

______________________________

[1] الفروج جمع فرج، و هو ما بين الرجلين يقال: (الفرس ملأ فروجه و ملأ فروجه) إذا عد أو أسرع، و منه سمى فرج الرجل و المرأة، لأنه ما بين الرجلين، فالسعي ملاء الفروج أزيد من الهرولة، بناء على ما أفاده بعض في تفسيرها بما بين العدو و المشي، و قد فسرها بعض آخر بأن الهرولة ضرب من العدو. و تردد الجوهري بينهما و ربما احتمل كون المعنى واحدا كما يرشد اليه ما عن نظام الغريب من أنه نوع من العد و السهل و كيف كان فالأمر سهل بعد ان كانت الهرولة مستحبة.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 27

..........

1- ما رواه أبو سعيد المكاري عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ان اللّه وضع عن النساء أربعا وعد منهن السعي بين الصفا و المروة يعني الهرولة «1»

2- ما رواه انس بن محمد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام) في وصيّة النّبي (صلى اللّه عليه و آله) لعلي (عليه السلام) قال:

يا علي ليس على النساء جمعة الى أن قال: و لا هرولة بين الصفا و المروة «2» 3- ما رواه سماعة (في حديث الهرولة) الى ان قال: فاكفف عن السعي و امش مشيا و انما السعي على الرجال و ليس على النساء سعى «3» و المراد من السعي فيه الهرولة.

4- خبر أبي بصير ليس على النساء جهر بالتلبية و لا استلام الحجر و لا دخول البيت و لا سعى بين الصفا و المروة يعني الهرولة «4» و من هنا ظهر ضعف ما حكى عن الشيخ المفيد (قدّس سرّه) (من انه لو خلى موضع السعي للنساء فسعين فيه لم يكن به بأس) و ذلك لاحتياج الحكم باستحباب ذلك عليهن الى دليل و هو مفقود بل ورد الدليل على خلافه فتدبر.

الثاني- ان ظاهر بعض الاخبار المتقدمة و ان كان وجوب الهرولة

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 21 من أبواب السعي الحديث 6

(2) الوسائل ج 2 الباب 21 من أبواب السعي الحديث 5

(3) الوسائل ج 2 الباب 21 من أبواب السعي الحديث 2

(4) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب الطواف الحديث 1 و ذيله في باب 21 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 28

و لو نسي الهرولة رجع القهقري (1) و هرول من موضعها (2) و الدعاء في سعيه ماشيا و مهرولا (3) و لا بأس ان يجلس في خلال السعي

عليه للأمر بها، إلا انه بقرينة خبر سعيد الأعرج يحمل على الاستحباب و هو قال:

سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا و المروة؟ قال: لا شي ء عليه «1»

(1) ماشيا الى الخلف من غير التفات بالوجه

(2) قد صرح بذلك جماعة بل في المسالك نسبته إلى الأصحاب، و استدل له بقول الصادقين فيما أرسلا عنهما الصدوق و الشيخ: (من سهى عن السعى حتى يصير من المسعى عليه بعضه أو كله ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا و لكن يرجع الى القهقرى الى المكان الذي يجب فيه السعي «2» ان قلت: ان فيه قصور من حيث السند قلت: انه و ان كان ضعيفا من حيث السند الا ان ضعفه منجبر بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بمضمونه فلا يصغى الى المناقشة فيه بضعف السند بعد الانجبار فتأمل.

ان قلت: انه بناء على انجبار ضعفه فظاهره الوجوب، قلت: انه ترفع اليد عنه لأجل تسالم الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) على خلافه

(3) اما استحباب الدعاء في حال سعيه ماشيا و مهرولا فمما لا ينبغي الإشكال فيه و هو المعروف بين الأصحاب و استدل له بحسن معاوية بن عمار المتقدم و غيره من الاخبار.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب السعي الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 29

للراحة (1)

(1) اما جواز الجلوس على الصفا و المروة في أثناء السعي مطلقا حتى بدون التّعب فمما لا ينبغي الكلام فيه، و ذلك لما سيأتي من الأخبار.

انما الكلام في الجلوس بين الصفا و المروة فقد استدل على الجواز بصحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يطوف بين الصفا و المروة أ يستريح؟

قال: نعم، ان شاء جلس على الصفا و المروة و بينهما فليجلس «1» و لا يخفى ان قوله: (أ يستريح قال: نعم) ليس قرينة على كون المراد منه جواز الجلوس بين الصفا و المروة لأجل التعب الخارج عن المتعارف دون غيره، و ذلك لإمكان دعوى: ظهور ان إطلاق الاستراحة فيما نحن فيه انما يكون نظير إطلاقها على جلسة الاستراحة في باب الصلاة و هي الجلسة بعد السجدتين مع عدم كونها لأجل التّعب الخارج عن المتعارف وجه إطلاق ذلك عليه هو انه من المعلوم ان كل عبادة لها مقدار من التعب فيكون الجلوس في ضمنها أو بعدها يعد استراحة، فعليه مقتضى هذا الصحيح هو جواز الجلوس بين الصفا و المروة مطلقا حتى بدون التعب كما هو المعروف بين الأصحاب قدس اللّه تعالى أسرارهم.

و لكن قد ذهب بعض من الفقهاء الى عدم جواز الجلوس بين الصفا و المروة إلا في صورة التعب الخارج عن المتعارف الذي يطلق عليه الجهد و استدل لذلك بصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عليه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 20 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 30

..........

السلام قال: لا يجلس بين الصفا و المروة الا من جهد «1» و من الواضح ان الجهد لا يطلق الا على التعب الخارج عن المتعارف دون غيره، فعليه تقع المعارضة بينه و بين صحيح الحلبي المتقدم الدال على جواز الجلوس بين الصفا و المروة حتى بدون الجهد.

و مقتضى الجمع بينهما هو تخصيص صحيح الحلبي الدال على جواز الجلوس بين الصفا و المروة بصحيح عبد الرّحمن الدّال على عدم جواز الجلوس بينهما الا عن جهد، و لا تصل

النوبة إلى الجمع الحكمي، و هو حمل النّهي في صحيح عبد الرّحمن على الكراهة، لما قد ذكرناه مرارا و كرارا انه ما دام يمكن الجمع الموضوعي بين الاخبار لا تصل النوبة إلى الجمع الحكمي و نتيجة الجمع الموضوعي بين صحيح الحلبي و صحيح عبد الرّحمن هو جواز الجلوس بين الصّفا و المروة إذا كان عن تعب خارج عن حد المتعارف بحيث يطلق عليه الجهد دون غيره.

ثم أنه يتمّ الكلام هنا في ضمن أمور:

1- انه يمكن ان يقال بحمل صحيح عبد الرّحمن المتقدم الدّال على حرمة الجلوس بين الصّفا و المروة على كراهة الجلوس بينهما إذا كان من غير تعب خارج عن المتعارف و ذلك بقرينة صحيح معاوية بن عمّار الدال على جواز الجلوس بينهما بناء على تماميّة دلالته على ذلك، و لا بأس بذكر الحديث و هو انه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يدخل في السعي

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 20 من أبواب السعي الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 31

..........

بين الصفا و المروة يجلس عليهما؟ قال: نعم أو ليس هو ذا يسعى على الدواب «1».

لإمكان دعوى دلالته على جواز الجلوس بين الصفا و المروة فبناء عليه ترفع اليد عن ظاهر صحيح عبد الرحمن الدال على حرمة الجلوس بدون الجهد و يحمل على الكراهة لصحيح معاوية الذي يكون نصّا في جواز الجلوس بدون الجهد فيكون رفع اليد عن الظّاهر بواسطة النّص.

ان قلت: ان مورد السؤال في حديث معاوية عن الجلوس على الصّفا و المروة دون الجلوس بينهما.

قلت يمكن أن يقال: أن مورد السؤال و ان كان ذلك الا أن المستفاد من الجواب التعميم في الحكم لا مكان دعوى ان الجواب

بالجلوس بين الصفا و المروة أنسب من الجلوس على الصّفا و المروة.

و لذا يمكن المناقشة فيه بعدم مناسبة التعليل المذكور فيه في مقام الجواب لسؤاله، لكونه عن الجلوس على الصّفا و المروة و التعليل و هو قوله (عليه السلام): (أو ليس هو ذا يسعى على الدواب) يناسب الجلوس بينهما الثاني- انه يمكن أن يقال- بعد الغض عما ذكر- ان المستفاد من التّعليل المذكور في حديث معاوية هو جواز الجلوس بين الصّفا و المروة مطلقا فيخصّص بما دل على عدم جواز الجلوس بينهما بدون تعب خارج عن المتعارف الذي يطلق عليه الجهد و هذا جمع موضوعي مقدّم على الجمع الحكمي.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 20 من أبواب السعي الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 32

..........

[و يلحق بهذا الباب مسائل]
[الأولى السعي ركن]

(و يلحق بهذا الباب مسائل) الأولى السعي ركن من تركه عامدا بطل حجة (1)

إلا أن يقال ان التعليل آب عن التخصيص فإنه شبهه بالركوب على الدواب الذي هو جائز مطلقا حتى من دون تعب.

و لا يخفى ان الأمر الأول و الثاني بعد يحتاج إلى الملاحظة و التأمل.

الثالث- انه يمكن ان يقال بجواز الجلوس بين الصفا و المروة مطلقا و يستدل لذلك بالأخبار الدالة على جواز السعي راكبا الذي هو ملازم للجلوس. و لكن فيه ما لا يخفى.

أما أولا- فلان الراكب و ان كان جالسا على المركوب لكنه كما يسند المشي إلى المركوب كذلك يسند الى الراكب و هذا بخلاف الجالس و أما ثانيا- فلان الدليل انما ورد في خصوصا الراكب فلا يمكن التعدي عن مورده الى مفروض المقام، لانه قياس و القياس باطل عندنا مضافا الى انه مع الفارق فان الراكب الجالس مشغول بالسعي و هذا بخلاف الجالس على الأرض

لكونه تاركا له كما لا يخفى.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه تعالى أسرارهم) قديما و حديثا بل قد نفى عنه الخلاف و ادعى عليه الإجماع و يدل عليه- مضافا الى قاعدة عدم الإتيان بالمأمور به على وجهه- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ترك السعي متعمدا؟ قال: عليه

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 33

و لو كان ناسيا وجب عليه الإتيان به فان خرج عاد ليأتي به فان تعذر استناب فيه (1)

الحج من قابل «1» و صحيحة الآخر انه قال: في رجل ترك السعى متعمدا؟

قال: لا حج له «2» و من هنا يظهر ضعف ما حكى عن بعض انه واجب غير ركن فإذا تركه كان عليه دم و ما حكى عن بعض آخر من انه مستحب على رواية.

ينبغي هنا الإشارة إلى ما يلي:

1- مقتضى إطلاق الباب عدم الفرق في وجوب إعادة حجة عليه بتركه السعي بين العمرة و الحج.

2- مقتضى إطلاق أخبار الباب ايضا عدم الفرق بين تركه رأسا و بين ما إذا اتى به و لكن ناقصا حتى خرج وقت التدارك لاتحاد الملاك.

(1) قد نفى عنه الخلاف، و ادعى عليه الإجماع، و يدل عليه جملة من النصوص- منها:

1- حسن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قلت له رجل نسي السعي بين الصفا و المروة؟ قال يعيد السعي، قلت: فإنه خرج «فإنه ذلك حتى خرج خ ل» قال: يرجع فيعيد السعي ان هذا ليس كرمي الجمار ان الرمي سنة و السعي بين الصفا و المروة فريضة «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 7 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 7 من

أبواب السعي الحديث 3

(3) الوسائل ج 2 الباب 8 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 34

..........

2- خبر الشحام عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا و المروة حتى يرجع الى أهله فقال: يطاف عنه «1» 3- صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصّفا و المروة؟ قال: يطاف عنه «2» ينبغي هنا التنبيه على أمور:

الأول- ان مقتضى الجمع بين حسن معاوية بن عمار الدّال على لزوم الرجوع لمن نسي السعي و بين خبر الشّحام و صحيح محمد بن مسلم الدال على انه يطاف عنه بعد تقييد إطلاق كل واحد منهما بالاخر هو التفصيل بين تمكنه من الرجوع من غير مشقة.

فيتعين عليه ذلك و لا يجزيه الاستنابة و بين عدم تمكنه منه بدونها كما إذا رجع الى اهله و بلده فيجوز له الاستنابة حينئذ و يجزيه.

الثاني- انه قد ظهر مما ذكرناه ان عدم بطلان حجه بنسيانه السعي انما يكون من جهة النّصوص المتقدمة و لا يكون ذلك لحديث الرفع فإنه رافع للتكليف عن المنسي لا مثبت فلا يصحح الباقي.

و لا لقاعدة نفي العسر و الحرج فإنها أيضا كذلك الثالث- ان مقتضى إطلاق صحيح معاوية بن عمار صحة إعادة السعي و لو مضى الوقت و هو ذي الحجة أو أيام التشريق خصوصا على

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 8 من أبواب السعي الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 8 من أبواب السعي الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 35

..........

ما في بعض النسخ: (فاته ذلك حتى خرج) لعدم صدق الفوت مع بقاء الوقت.

الرابع- الظاهر ان من أخل

بالسعي لا يحل له مما يتوقف عليه من المحرمات كالنساء حتى يأتي به بنفسه أو بنائبه بل الظاهر لزوم الكفارة لو واقع زوجته بعد ذكره.

الخامس- قال في الجواهر: (و في إلحاق الجاهل بالعامد أو الناسي وجهان أحوطهما ان لم يكن أقواهما الأول، كما اختاره في المسالك و غيرها خصوصا مع ملاحظة إطلاق الأصحاب العامد الشامل للجاهل و العالم مضافا الى الأصل الذي لم يثبت انقطاعه بثبوت قاعدة معذورية الجاهل في الحج و ان تضمنها بعض النصوص المعتبرة الا انّ ظاهر الأصحاب الإعراض عنها) يمكن ان يقال ببطلان حجه فيما إذا ترك السعي جهلا، لإطلاق الأخبار الدالة على بطلان الحج بترك السعى عمدا، لشموله للجاهل.

الا ان يناقش فيه: بأنه و ان كان عنوان الاختيار صادقا عليه و لكن لا يصدق عليه عنوان العمد لانه يعتبر في صدق عنوانه مضافا الى كونه إراديا: القصد، فمن قتل شخصا بخيال انه كافر حربي، فظهر كونه رجلا مؤمنا هذا القتل و ان كان فعلا اختياريا له، لكنه لا ينطبق عليه عنوان العمد، لعدم كونه قاصدا للعنوان من جهة جهله، و مفروض المقام يكون من هذا القبيل السادس- قد يقال: انه لا نحتاج في الحكم ببطلان حجه بالأخبار التي دلت على بطلان الحجّ بترك السعي عمدا لان الحكم بذلك انما يكون على وفق القاعدة، لأنه ليس معنى البطلان بناء عليها الا عدم انطباق المأتي به

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 36

[الثانية: لا يجوز الزيادة على سبع]

الثانية: لا يجوز الزيادة على سبع و لو زاد عمدا بطل (1)

على المأمور به و مفروض المقام كذلك لكون المأمور به هو الحج مع السعي لا بدونه فلا ينطبق ما أتى به على ما أمر به، لعدم إتيانه به

جهلا كما هو المفروض و لا يقصد من البطلان بناء عليها الا ذلك.

السابع- انه قد حقق في محله اختصاص من الكفارات بصورة العمد فلا تثبت في صورة الجهل الا ان يقوم دليل تعبدي على ثبوتها في صورة الجهل ايضا كما قام ذلك في الصيد و غيره.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب رضوان اللّه تعالى عليهم و قد نفى عنه الخلاف و يدل عليه جملة من النصوص المروية عنهم (عليهم السلام)- منها:

1- خبر عبد اللّه بن محمد عن أبي الحسن عليه السلام قال: الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة فإذا زدت عليها فعليك الإعادة و كذلك السعي «1» 2- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

ان طاف الرجل بين الصفا و المروة تسعة أشواط فليسع على واحد و ليطرح ثمانية و ان طاف بين الصفا و المروة ثمانية أشواط فليطرحها و ليستأنف السعي «2» قال في الجواهر: (بناء على ما قيل من كونه في العمد و ان البناء على الواحد في الأول باعتبار البطلان بالثمانية فيبقى الواحد ابتداء سعي

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب السعي الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 37

و لا يبطل بالزيادة سهوا (1)

اما إذا كان ثمانية فليس الا البطلان باعتبار كون الثامن ابتداءه عن المروة فلا يصلح البناء عليه و ان كان هو لا يخلو عن إشكال أو منع كما ستعرف) و سيظهر لك تحقيق ذلك في الفرع الآتي.

و كيف كان فلا ينبغي الإشكال في بطلان السعي بتعمد الزيادة سواء قلنا باختصاص خبر عبد اللّه بن محمد الدال على بطلان السعي بالزيادة بصورة

العمد أو لم نقل ذلك لدخول مفروض المسألة فيه فيحكم ببطلانه بها مطلقا.

و لكن مقتضى الجمع بينه و بين الاخبار الآتية هو القول باختصاصه.

بصورة العمد على ما سيظهر لك ذلك (ان شاء اللّه تعالى)

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل قد نفى عنه الخلاف و ادعى الإجماع بقسميه عليه.

تفصيل الكلام فيه هو ان من زاد في سعيه شوطا واحدا أو أكثر (فتارة) يكون عن عمد و (اخرى) عن سهو و (ثالثة) عن جهل فيقع الكلام هنا في مقامات ثلاث.

اما الكلام في المقام الأول فقد تقدم انه يوجب البطلان للأخبار المتقدمة بما تقدم ذكره.

و أما الكلام في المقام الثاني فنقول انه قد وقع الخلاف بين الاخبار الواردة فيه في انه هل يتعين عليه طرح الشوط الزائد أو يتعين عليه تتميمه بسبعة أخرى.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 38

..........

يمكن الاستدلال على الثاني بما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما (في حديث الطواف) قال: إذا استيقن انه سعى ثمانية أضاف إليها ستا «1» و اما الإشكال على التتميم بهذا النحو بلزوم ابتداء كون السعي الثاني من المروة مع لزوم كون ابتدائه من الصفا في غير محله كيف و هو اجتهاد في مقابل النص و لا مانع من تخصيص ما دل على لزوم البدأة بالصفا به.

و كذلك لا مجال للإشكال عليه بعدم كونه حين شروعه في السعي الثاني ناويا له و ذلك لعدم اعتبار نية عنوانه بل يكفي كونه ناويا للسعي و المفروض انه يكون ناويا كذلك.

كما انه لا مجال للإيراد عليه بعدم كون السعي كالطواف حتى يقع مستحبا نفسيا و ذلك لإمكان ثبوت ذلك في خصوص مفروض المقام بدليل التعبد.

فقد ظهر مما ذكرنا هو

لزوم التتميم الشوط الزائد لا إهداره في خصوص زيادة الشوط الواحد سهوا.

و لكن يعارض رواية محمد بن مسلم ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) في رجل سعي بين الصفا و المروة ثمانية أشواط ما عليه؟ فقال: ان كان خطأ أطرح واحدا و اعتد بسبعة «2» و ما رواه معاوية قال من طاف بين الصفا و المروة خمسة عشر شوطا طرح ثمانية و اعتد بسبعة «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب السعي الحديث 1.

(2) الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب السعي الحديث 3

(3) الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب السعي الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 39

..........

و لكن قد يقال أن هذا وارد في مورد خاص و هو صورة زيادة ثمانية أشواط فلا مورد للتتميم.

و كيف كان فيقع المعارضة بين رواية محمد بن مسلم الدّال على وجوب تتميم الشّوط الزائد و بين رواية عبد الرّحمن بن الحجّاج الدّال على لزوم طرح الشوط الزائد.

و لكن قد ذكرنا غير مرّة ان المعارضة انما تتحقق إذا لم يمكن الجمع العرفي بين الاخبار المتعارضة فعليه في مفروض المقام لا معارضة بينهما لا مكان الجمع العرفي بينهما و هو ان مقتضى قوله (عليه السلام) في رواية معاوية بن عمار: (إذا استيقن انه سعى ثمانية أضاف إليها ستّا) هو وجوب تتميم الشوط الزّائد عليه ظاهرا و هذا بخلاف قوله (عليه السلام) في رواية عبد الرّحمن بن الحجّاج: (ان كان خطأ اطرح واحدا و اعتد بسبعة) لكونه صريحا في عدم وجوب التتميم فترفع اليد عن ظاهر رواية معاوية بن عمار بنص الآخر و قد تقدم منا مرارا: أن حكومة النصّ على الظّاهر من

أجلى الحكومات فعليه يحمل الأمر بالتتميم في رواية محمد بن مسلم على الاستحباب فتدبر.

و يمكن الجمع بينهما بتقريب آخر و يعبر عنه بالتّخيير في المسألة الفقهية و هو ان إطلاق الأوى في كل واحد منهما يقتضي التعيينية فيقيد إطلاق كل واحد منهما بنصّ الآخر، و كيف كان فلا تصل النوبة إلى الجمع بينهما بالتخيير في المسألة الأصولية و هو الأخذ بأحد الحجّتين بعد تعارضهما فيكون الحكم معيّنا.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 40

..........

ثم ان تحقيق الكلام يتوقف على ذكر أمرين:

الأول- انه لو أتم الشّوط الزائد بمقتضى الأمر الوجوبي أو الندبي فيقع الكلام في ان سعيه للحج هل يكون هو الأول أو الثّاني أو هو مخير بين ان يجعل سعيه الأول جزء للحج أو سعيه الثاني.

يمكن ان يقال ان المتعين هو جعل السعي الأول جزء للحج، لحصول امتثال المأمور به بوجود الطبيعة في ضمن الفرد الأول فانطباق المأتي به على المأمور به قهري و الاجزاء عقلي.

و لكن التحقيق انه ان قلنا بأن الثاني مستحب فالواجب هو الأول من دون ريب و ان قلنا بان كلا السعيين واجب فيمكن ان يقال: بأن حجه في هذه الصورة ذو سعيين لوجوب كليهما في خصوص هذا المورد.

و يحتمل أن يكون الواجب هو الأول و يكون وجوب الثاني لتتميم النقص الحاصل من الزيادة فتأمل.

الثاني- انه يعارض ما تقدم من الاخبار ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: ان طاف الرجل بين الصفا و المروة تسعة أشواط فليسع على واحد و ليطرح ثمانية و ان طاف بين الصفا و المروة ثمانية أشواط فليطرحها و ليستأنف السعي «1» تقريب المعارضة: هو انه لو حمل على صورة النسيان كان

ذيله معارضا لصحيح محمد بن مسلم المتقدم الدال على لزوم تتميم الشّوط الزّائد لا طرحه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب السعي الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 41

..........

و صحيح عبد الرحمن المتقدم الدال على لزوم طرح الشوط الزائد و الاعتداد بسبعة و ذلك لدلالة ذيل هذا الحديث على لزوم طرح ثمانية أشواط و استئناف السعي من رأس.

و لو حمل على صورة العمد لا يستقيم أيضا لأن الزيادة العمدية موجبة للبطلان و صدره يدل على الخلاف و ذلك لحكمه فيه بصحة شوط واحد فيعارض مع ما تقدم من حديث عبد اللّه بن محمد بناء على كونه واردا في العمد و يمكن حمل ذيله على صوره العمد فعليه يتم الحكم ببطلان سعيه للزيادة العمدية و أما صدره مخيل على صورة النسيان.

و لكن هذا مضافا الى انه مناف لوحدة السياق مخالف للاخبار السابقة لدلالة بعضها على تتميم الزائد و دلالة بعضها على طرح الزائد و لم يكن فيها ما يدل على طرح الثمانية.

ثم انه يمكن حمله صدرا و ذيلا على صورة العمد فعليه لا ينافي الاخبار و أما الحكم في صدره بصحة سعيه التاسع بعد بطلان سعيه السابع بإتيانه بالثامن انما يكون لأجل أنه سعيه الأول بحسب هو التاسع فينطبق على الاخبار الدالة على لزوم البدأة من الصفاء.

و لكن مع ذلك كله فالذي يسهل الخطب ان الحديث معرض عنه فلا اعتبار به لخروجه بإعراضهم عنه عن حيز دليل الاعتبار فتدبر.

و أما الكلام في المقام الثالث فنقول ان مقتضى إطلاق رواية معاوية ابن عمار (قال: من طاف بين الصفا و المروة خمسة عشر شوطا طرح ثمانية و اعتد بسبعة) الدال على عدم بطلان السعي بالزيادة

و لزوم طرح

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 42

و من تيقن عدد الأشواط و شك فيما به بدأ فإن كان في المزدوج على الصفا فقد صح سعيه لانه بدء به و ان كان على المروة أعاد و ينعكس الحكم مع الغطاس الغرض (1)

الشوط الزائد شموله لصورة العمد و الجهل و النسيان.

و لكن قد خرج عن تحت إطلاقه صورة العمد لما مضى من رواية عبد اللّه بن محمد الدالة على بطلان السعي بالزيادة بناء على كونها في العمد لما ذكر.

و خرج عن تحت إطلاقه ايضا صورة النسيان، لما تقدم من رواية عبد الرحمن بن الحجاج الدال على لزوم طرح الشوط الزائد عليه بل ذكر انه يستحب له التتميم بحكم الجمع الذي نقدم ذكره فبقي تحت إطلاقه صورة الجهل فقط.

ثم انه قد ورد في خصوص صورة الجهل ما رواه جميل بن دراج قال حججنا و نحن صرورة فسعينا بين الصفا و المروة أربعة عشر شوطا فسألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن ذلك؟ فقال: لا بأس سبعة لك و سبعة تطرح «1» و هذا كما ترى يدل.

(1) تفصيل الكلام في هذه المسألة هو انه (تارة) يحصل للطائف بين الصفا و المروة الشك في عدد الأشواط و يقع الكلام في انه هل يكون شكه موجبا للإعادة أولا و (اخرى): يحصل له ذلك في مبدأ سعيه مع علمه بعدد الأشواط.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب السعي الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 43

[الثالثة من لم يحصل عدد سعيه أعاده]

الثالثة من لم يحصل عدد سعيه أعاده (1)

أما الصورة الأولى فيأتي حكمها في الفرع الآتي و أما الصورة الثانية و هي ما إذا علم بعد الأشواط و لكن شك في انه هل

بدأ بالسعي من الصفا أو المروة فعليه النظر في انه هل هو على الصفا أو المروة أو في الأثناء. فإن كان على الصفا و كان ما بيده زوجا كشف عن انه بدأ بالصفا و يحكم بصحة سعيه، و ان كان فردا كشف عن انه بدأ من المرة و يحكم ببطلان سعيه.

و ان كان على المروة انعكس الأمر فإن كان ما بيده زوجا كشف عن انه بدأ من المروة و يحكم ببطلان سعيه و ان كان ما بيده فردا كشف عن انه بدأ من الصفا و يحكم بصحة سعيه و ان كان في الأثناء فأيضا يمكن استعلام حاله بأنه يرى انه هل هو متوجه الى الصفا أو الى المروة.

هذا كله إذا رفع شكه به و اما إذا بقي على شكه فعليه الإعادة لرجوع الشك فيه الى الشك في تحقق المأمور به فتدبر.

(1) ما افاده المصنف من وجوب إعادة السعي لو شك في عدد سعيه مما لا ينبغي الإشكال فيه و عليه الأصحاب كما في النافع و القواعد و حكى الاقتصار و الوسيلة و الجامع و المهذب و غيرها على ما في الجواهر و لكن لا مطلقا بل فيما إذا شك فيه و هو في أثناء السعي و أما إذا شك فيه بعد الفراغ فلا عبرة به و يحكم بصحة السعي لما سنشير إليه في ذيل المبحث.

و كيف كان تفصيل الكلام فيه هو انه (تارة): يتكلم فيه بحسب

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 44

..........

ما تقتضيه القاعدة و (اخرى): بحسب ما يقتضيه الاخبار.

أما الكلام فيه بناء على الأول فيمكن ان يقال ان مقتضى القاعدة هو لزوم الإعادة- كما ذهب اليه المشهور- و ذلك لتردده بين محذورى الزيادة

و النقيصة لأنه لو أخذ بالأقل و أنى بشوط آخر احتمل الزيادة و لو أخذ بالأكثر احتمل النقيصة و كلاهما موجب للبطلان.

و أما أصالة عدم الزيادة فيمكن ان يقال بعدم جريانها فيه لانه تعويل على الأصل المثبت الذي لا نقول به و حينئذ فيتعين عليه الإعادة تحصيلا للفراغ اليقيني.

ثم انه انه قد يقع الإشكال في إعادة السعي في المحل المفروض لانه لو أعاد السعي صار لا محالة ما يأتي به من الأشواط بعنوان الإعادة منضما الى ما أتي به أولا من الأشواط فيحكم ببطلانه لحصول الزيادة.

و ذلك لعدم بطلان ما أتي به من السعي أولا، لعدم اعتبار الموالاة فيه حتى يحكم ببطلان ما أتى به من الأشواط لحصول الفصل بين ما أتى أولا من الأشواط و بين ما أتى به ثانيا منها.

و أما الإعراض فلم يثبت لكونه مبطلا و لكن يمكنه بطلانه بالزيادة العمدية.

ثم لا يخفى انه يمكنه من انمام سعيه في مفروض المقام بدون لزوم محذور الزيادة أو النقيصة و ذلك كما لو فرضنا مثلا انه شك بين ست أشواط و سبع فيأتي بشوط آخر بعنوان الرجاء فعليه ان كان ما أتى به في الواقع ستا فما يأتي به بعنوان الرجاء يكون مكملا له و ان كان في الواقع سبعا

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 45

..........

فما أتى به لا يوجب البطلان لعدم إتيانه به بعنوان الجزئية بل بعنوان الرجاء هذا كله بحسب ما تقتضيه القاعدة و لكنه لا يخلو من تأمل.

و أما بناء على الثاني و هو ما تقتضيه الاخبار فنقول: ان مقتضى الاخبار هو بطلان السعي في مفروض المقام و هو ما لو شك في عدد أشواط السعي.

و يدل عليه صحيح سعيد

بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) الرجل متمتع سعي بين الصفا و المروة ستة أشواط ثم رجع الى منزله و هو يرى انه قد فرغ منه و قلم أظافيره و أحل ثم ذكر انه سعى ستة أشواط؟

فقال لي: يحفظ انه قد سعى ستة أشواط، فإن كان يحفظ انه قد سعى ستة أشواط فليعد و ليتم شوطا و ليرق دما، فقلت: دم ما ذا؟ قال:

بقرة، قال: و ان لم يكن حفظ انه قد سعى ستة فليعد فليبتدء السعي حتى يكمل سبعة أشواط ثم ليرق دم بقرة «1» ثم انه ينبغي هنا الإشارة إلى أمرين:

الأول- انه لو شك في عدد الأشواط يجب عليه الإعادة لو شك قبل حصول عنوان الفراغ و أما إذا شك فيه بعد الأشواط فيتجرى قاعدة الفراغ و يحكم بعدم لزوم إعادته لان من القواعد المسلمة عدم العبرة بالعبرة بالشك بعد الفراغ للاخبار «2»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 14- من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 44 من أبواب الوضوء و الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث 1 و 3 و الباب 27 من هذه الأبواب

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 46

و من تيقن النقيصة اتى بها (1)

و أما ذيل صحيح سعيد بن يسار فليس مفروضه احتمال الإتيان بالسبعة حتى يكون شكا بعد الفراغ بل مفروضه القطع بعدم الإتيان السبعة و الشك في الإتيان بالستة.

الثاني- انه لو شك في عدد الأشواط بعد الفراغ فلا يلتفت اليه سواء كان بعد انصرافه عن المسعى أولا الثالث- انه يقع الإشكال في صحيح سعيد بن يسار و هو انه حكم الامام (عليه السلام) بإراقة دم بقرة لتقليم اظافيري مع ان

كفارة تقليم الأظفار حسب الأخبار هي دم شاة لا بقرة و لكن لا يضر ذلك به لاحتمال خصوصية فيه فبه يخصص ما دل مطلقا على ان كفارة تقليم الأظافير هي دم شاة لا دم بقر.

2- ان هذا الحديث وارد في خصوص العمرة لا في الحج لانه لو قلنا بوروده فيه لا يمكننا القول بحرمة تقليم الأظفار عليه، لصيرورته محلا بإتيانه باعمال منى.

(1) قال في الجواهر: (سواء كانت شوطا أو أقل أو أكثر، و سواء ذكرها قبل فوات الموالاة أو بعدها، لعدم وجوبها فيه إجماعا، كما عن التّذكرة، و لا نعرف فيه خلافا، كما عن المنتهى، بل مقتضى إطلاق المتن و القواعد و الشيخ في كتبه و بنى حمزة و إدريس و البرّاج و سعيد على ما حكى عن بعضهم عدم الفرق بين تجاوز النّصف و عدمه، و لعله للأصل و ما يأتي من القطع للصلاة بعد شوط و للحاجة بعد ثلاثة أشواط خلافا لما

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 47

..........

عن المفيد و سلار و ابي الصلاح و ابن زهرة من اعتبار مجاوزة النصف في البناء نحو ما سمعته في الطواف بل عن الغنية الإجماع عليه. إلخ) و يمكن الاستدلال لما أفاده ابن زهرة من اعتبار مجاوزة النّصف في البناء بما رواه احمد بن عمر الحلال عن أبى الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلّت؟ قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطّواف بالبيت أو بالصفا و المروة و جاوزت النّصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النّصف فعليها أن تستأنف الطّواف من أوّل «1» و ما رواه أبا بصير عن أبي عبد اللّه

(عليه السلام) قال: إذا حاضت المرأة و هي في الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة فجاوزت النّصف فعلمت ذلك الموضع فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمته، فإن هي قطعت طوافها في أقل من النّصف فعليها أن تستأنف الطّواف من اوّله «2» لكنهما ضعيفان سندا فلا يصلحان لمعارضة ما دل على جواز القطع قبل تجاوز النصف و بعده و لم يثبت انجبار ضعفهما يعمل الأصحاب بمضمونهما.

و أما الإجماع الذي ادعاه في الغنية على اعتبار مجاوزة النصف في البناء فلا عبرة به.

اما أولا- فلأنه موهون بالشهرة المتحققة على خلافه.

و اما ثانيا- فلما ذكرناه غير مرّة من ان الإجماع المعتبر هو التعبدي

______________________________

(1) الوسائل ج 3 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 2

(2) الوسائل ج 3 الباب 85 من أبواب الطواف الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 48

و لو كان متمتعا بالعمرة و ظن أنه أتم فأحل و واقع النساء ثم ذكر ما نقص كان عليه دم بقرة على رواية و يتم النقصان (1) و كذا قيل (2) لو قلم أظفاره أو قص شعره (3)

منه دون المدركى، و في المقام يحتمل ان يكون مدركه ما تقدم من الخبرين فلا عبرة به و العبرة بالمدرك، و قد عرفت انه غير قابل للاعتماد عليه من جهة ضعفه سندا.

مراده قدّس سرّه من الرّواية رواية عبد اللّه مسكان قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل طاف بين الصفا و المروة ستة أشواط و هو يظن أنها سبعة فذكر بعد ما حل و واقع النساء أنه إنما طاف ستة أشواط؟

قال: عليه بقرة يذبحها و يطوف شوطا آخر «1» هذه الرواية ضعيفة سندا.

ان قلت: انها و

ان كانت ضعيفة من حيث السند الا انها منجبرة بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بمضمونها، قلت: انه لم يثبت عمل جميع الأصحاب بمضمونها، نعم حكى عن جماعة العمل بها.

(2) و القائل الشيخ و جماعة من الأصحاب على ما في المدارك.

(3) لصحيح ابن يسار السّابق الذي ليس فيه الا تقليم الأظفار، و لذا اقتصر عليه في محكي التذكرة، و قد تقدم ذكره عند ذكر المصنف (قده) حكم ما إذا شك في عدد الأشواط، و من أراد الاطلاع عليه فليراجعه.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب السعي الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 49

[الرابعة لو دخل وقت فريضة و هو في السعي قطعه]

الرابعة لو دخل وقت فريضة و هو في السعي قطعه و صلى ثم أتمه (1) و كذا لو قطعه لحاجة له أو لغيره (2)

(1) هذا هو المعروف بين الفقهاء (قدس اللّه تعالى أسرارهم) بل عن المنتهى و التذكرة انه لا يعرف في جواز القطع للصلاة خلافا و يدل عليه جملة من النصوص الواردة في المقام منها:

1- صحيح معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): الرجل يدخل في السعي بين الصفا و المروة فيدخل وقت الصلاة أ يخفف أو يقطع و يصلي ثم يعود أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ؟ قال: لإبل يصلى ثم يعود أو ليس عليهما مسجد «1» اي موضع صلاة.

2- ما رواه علي بن فضال قال: سأل محمد بن علي أبا الحسن (عليهما السلام) فقال له: سعيت شوطا واحدا ثم طلع الفجر؟ فقال: صل، ثم عد، فأتم سعيك «2» 3- ما رواه محمد بن فضيل انه سأل محمد بن علي الرضا (عليه السلام) فقال له: سعيت شوطا، ثم طلع الفجر قال: صلّ ثم

عد فأتم سعيك «3»

(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه تعالى أسرارهم) و استدل بما رواه يحيى بن عبد الرحمن الأزرق قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام): عن الرجل يدخل في السّعي بين الصفا و المروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصّديق له فيدعوه إلى الحاجة أو الى الطّعام؟

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب السعي الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب السعي الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 50

[الخامسة لا يجوز تقديم السعي على الطواف]

الخامسة لا يجوز تقديم السعي على الطواف (1)

قال: ان أجابه فلا بأس «1» و رواه الصّدوق بإسناده عن علي بن النعمان و صفوان جميعا عن يحيى الأزرق نحوه و زاد: (و لكن يقضي حق اللّه عز و جل أحبّ الى من ان يقضي حق صاحبه).

و رواه الشيخ أيضا بإسناده عن صفوان عن يحيى الأزرق مثله مع الزّيادة.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه تعالى أسرارهم) فلا يجوز تقديمه على الطواف لا في العمرة و لا في الحج و في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به غير واحد، بل الإجماع بقسميه عليه، بل يمكن دعوى القطع به بملاحظة النّصوص المشتملة على بيان الحجّ قولا و فعلا. إلخ) و استدل له- مضافا الى دعوى الاتفاق المذكور- بصحيح منصور ابن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام): عن رجل طاف بين الصفا و المروة قبل ان يطوف بالبيت؟ فقال: يطوف بالبيت ثم يعود الى الصفا و المروة فيطوف بينهما «2»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 19 من أبواب السعي الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 63 من

أبواب الطواف الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 51

كما لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي (1) فإن قدمه طاف ثم أعاد السعي (2)

ينبغي هنا الإشارة الى الأمر و هو انه مقتضى إطلاق الصحيح انه لو خالف الترتيب يجب عليه اعادة سعيه سواء كان عن عمد أو جهل أو سهو و قد صرح بذلك الفاضل و الشهيد و غيرهما فإذا قام دليل على خلافه فيأخذ به و الا فلا

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب، بل قد نفى عنه الخلاف و استدل عليه- مضافا الى النّصوص المتضمنة للترتيب بينه و بين السّعي بما رواه احمد بن محمد عمن ذكره قال: قلت: لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك متمتّع زار البيت فطاف طواف الحج ثم طاف طواف النّساء ثم سعى؟ فقال: لا يكون السعي إلا قبل طواف النساء فقلت: فعليه شي ء فقال: لا يكون السعي إلا قبل طواف النساء «1» و نحو غير من الاخبار الذي تقدّم ذكره في آخر الجزء الرابع من هذا الكتاب في الصفحة 448

(2) حتى يكون آتيا بالمأمور به على وجهه هذا في صورة العمد و أما اجزائه لو كان سهوا فاستدل له ببعض الأخبار، و من أراد الاطلاع على هذا المبحث فليراجع الجزء المزبور من هذا الكتاب و كذا يجوز تقديمه عليه للضرورة و الخوف من الحيض و قد تقدم الكلام عن ذلك في محله

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 65 من أبواب الطواف الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 52

و لو ذكر في أثناء السعي نقصانا من طوافه قطع السعي و أتم الطواف ثم أتم السعي (1)

(1) لو ذكر في أثناء السعي بين الصفا و المروة نقصانا

من طوافه فان كان قد تجاوز النصف في الطواف بالبيت قطعه و أتم الطواف ثم أتم السعي من المكان الذي قطع سعيه مطلقا و الا فعليه استئناف الطواف من رأس ثم استئناف السعى و لعل إطلاق كلامه كما افاده صاحب الجواهر منزل على كلامه السابق قال في الجواهر: (و من هنا فسره به في المسالك على وجه يظهر منه المفروغية من ذلك و قد عرفت سابقا ما يشهد له فلا وجه لوسوسة بعض الناس فيه قائلا ان ظاهر النافع و الشرائع و التهذيب و النهاية و السرائر و التحرير و التذكرة البناء على الطواف بالبيت و ان لم يكن متجاوز النصف بل لعل التفصيل:

في الموثق السابق كالصريح فيه أيضا و لكن لا يخفى عليك ما في ذلك كله بعد الإحاطة بما قدمناه سابقا و هو التفصيل المزبور المنسوب الى المشهور، بل لعله كذلك بل يمكن دعوى عدم الخلاف المحقق لإمكان تنزيل الإطلاق في بعض العبارات على ما يفهم منهم في غير المقام من كون المدار على التفصيل) مراده من الموثق موثق إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا و المروة فبينما هو يطوف إذ ذكر انه قد ترك من طوافه بالبيت؟ قال يرجع الى البيت

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 53

[القول في أحكام المتعلقة بمنى بعد العود]
اشارة

(القول في أحكام المتعلقة بمنى بعد العود) إذا قضى الحاج مناسكه بمكة من طواف الزيارة و السعي و طواف النساء فالواجب العود إلى منى للمبيت بها فيجب عليه ان يبيت بها ليلتي الحادي عشر و الثاني عشر (1)

فيتم طوافه، ثم يرجع الى الصفا و المروة فيتم ما بقي قلت: فإنه بدأ بالصفا

و المروة قبل ان يبدأ بالبيت؟ فقال: يأتي بالبيت فيطوف به، ثم يستأنف طوافه بين الصفا و المروة. قلت: فما فرق بين هذين؟ قال: لان هذا قد دخل في شي ء من الطواف و هذا لم يدخل في شي ء منه «1».

(1) لا ينبغي الإشكال في وجوب المبيت عليه بمنى في الليلة الحادي عشر و الثاني عشر و اما الليلة الثالث عشر فسيأتي الكلام عنها عند تعرض المصنف قدس سره له (ان شاء اللّه تعالى).

إنما الكلام في انه هل يجب عليه المبيت بمنى في ليالي التشريق تمام الليل أو نصفه الأول، أو الأخير، أو هو مخير بينهما، أو يكفي المسمى؟

مقتضى إطلاق الأدلة الدال على وجوب المبيت بمنى في ليالي التشريق هو وجوبه فيها تمام الليل.، و لكن ترفع اليد عنه بالنسبة إلى النصف الأخير من الليل و يحكم بعدم وجوب المبيت فيه في لياليها، و ذلك لجملة من النصوص الواردة عنهم عليهم السلام- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 63 من أبواب الطواف الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 54

..........

1- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا فرغت من طوافك للحج و طواف النساء فلا تبيت الا بمنى الا أن يكون شغلك في نسكك و ان خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك ان تبيت في غير منى «1» 2- ما رواه صفوان عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الزيارة من منى؟ قال: ان زار بالنّهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح الا و هو بمنى و ان زار بعد ان انتصف الليل أو السحر (و يسحر خ ل) فلا بأس عليه ان ينفجر الصبح و هو بمكة

«2» 3- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لا تبت ليالي (أيام خ ل) التشريق الا بمنى فان بتّ في غيرها فعليك دم فان خرجت أول الليل و لا ينتصف الليل الا و أنت في منى الا ان يكون شغلك نسكك أو خرجت من مكّة، و ان خرجت بعد نصف اللّيل فلا يضرك ان تصبح في غيرها «3» و روى بسند آخر عن معاوية بن عمار مثله و زاد: (و سألته عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه و دعائه و السّعي و الدّعاء حتى طلع الفجر؟

فقال: ليس عليه شي ء كان في طاعة اللّه عزّ و جلّ «4» 4- ما رواه نضر بن شعيب عن عبد الغفّار الجازي قال: سألت

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

(3) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 8

(4) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 13

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 55

..........

أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل نصف الليل فأصبح بمكة؟ قال: لا يصلح له حتى يتصدق بها صدقة أو يهريق دما فان خرج من منى بعد نصف الليل لم يضره شي ء «1» و المستفاد من هذه الاخبار- كما ترى- هو ان المبيت الواجب بمنى هو في النصف الأول من الليل لا الأخير منه.

و أما خبر جعفر بن ناجية عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل الا و

هو بمنى و إذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس ان يصبح بغيرها «2» و نحوه و ان كان دالا ظاهرا على جواز الخروج من منى من أوّل اللّيل إذا كان يرجع إليها قبل النصف، فيستفاد منها الاجتزاء بأحد النصفين الأول أو الأخير، الا انه يمكن ان يقال بعدم دلالته على جواز الخروج منها قبل انتصاف اللّيل، بل انما يدل على حكم من خالف و خرج منها أوّل اللّيل.

مضافا الى أن أعراض الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) عنه مانع عن البناء عليه.

فقد ظهر مما ذكرنا ان الخروج من منى في أول اللّيل حرام.

و أما الخروج منها نهارا فلا ينبغي الإشكال في عدم حرمته عليه، لعدم الدليل على وجوب بقائه فيها و لكن يجب عليه أن يصبح و هو بمنى فقط و كذلك من خرج منها في أول اللّيل، لان خروجه منها و ان كان حراما

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى من الحديث 14

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى من الحديث 20

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 56

..........

عليه إلا انه لا يجب عليه بعد خروجه منها العود فورا و إنما يجب عليه أيضا أن يصبح و هو بمنى.

و استدل للأول بما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه انه قال إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح الا بها «1» و استدل للثاني بما رواه صفوان عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الزّيارة من منى؟ قال: ان زار بالنّهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح الا و هو بمنى و ان زار بعد ان انتصف الليل أو

السحر (و يسحر خ ل) فلا بأس عليه ان ينفجر الصبح و هو بمكة «2» و لا ينافيه قوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمار المتقدم: (فان خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل الا و أنت في منى) الدال على وجوب الرجوع إليها قبل ان ينتصف الليل، و ذلك لان المستفاد من الاستثناء فيه ان خروجه لم يكن لأجل النسك، و لذا استثنى منه فيه، و هذا بخلاف صحيح العيص، لكونه دالا على ان الخروج كان لأجل الزّيارة و النسك، و لا أقل من كونه مقتضى الجمع بينه و بين ما تقدم فتأمل.

ثم انه قد استدل على وجوب المبيت بمنى في ليالي التشريق بما روى من طرق العاّمة عن ابن عباس: (انه لم يرخص النّبي (صلّى اللّه عليه و آله) لأحد ان يبيت بمكة إلا للعباس من أجل سقايته «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 19

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

(3) سنن البيهقي ج 5 ص 153.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 57

فلو بات بغيرها كان عليه عن كل ليلة شاة (1)

و نحوه المروي عن العلل بسنده عن مالك بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) ان العباس استأذن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) ان يبيت بمكة ليالي منى فأذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أجل سقاية الحاج «1» و مما ذكرنا ظهر ضعف ما حكى عن تبيان الشيخ من القول باستحباب المبيت في منى و ما حكى عن الطبرسي من القول باستحباب جميع مناسك منى السابقة و اللاحقة.

اللّهم الا يقال بما في الجواهر و

هو (انه يمكن ان يكون نحو المحكي عن بعض الكتب من جعله المبيت من السّنة، أو حصر واجبات الحج في غيره، أو الحكم بأنه إذا طاف للنساء تمت مناسكه، أو حجه، أو نحو ذلك مما لا ينافي الوجوب و لو من جهة السنة و كونه خارجا عن الحج، و ان حكى عن الحلبي التصريح بكونه من مناسكه قيل: و لذا اتفقوا على وجوب الفداء لو أخل به و ان كان فيه ان ذلك لا ينافي خروجه عن الحج.)

(1) ما أفاده المصنّف (قدّس سرّه) من وجوب الشاة عن كل ليلة لمن بات بغير منى في ليالي التشريق مما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل ظاهر المنتهى و غيره: الإجماع عليه.

تفصيل الكلام في هذه المسألة هو انه (تارة): يتكلم فيها في جنس الكفّارة و (اخرى): في تعدّدها بتعدّد الليالي و عدمه، أو عدم الكفارة

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 21

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 58

..........

الا بترك الجميع.

و (ثالثة): في ثبوت الكفارة مطلقا حتى في صورة العذر و عدمه فهنا مقامات ثلاث.

(المقام الأول) أما الكلام في المقام الأول فنقول: ان مقتضى صحيح صفوان هو الشاة قال: قال أبو الحسن عليه السلام: سألني بعضهم عن رجل بات ليالي منى بمكة؟ فقلت: لا أدرى، فقلت له: جعلت فداك ما تقول فيها؟ فقال (عليه السلام): عليه دم شاة إذا بات، فقلت: ان كان انما حبسه شأنه الذي كان فيه من طوافه و سعيه لم يكن لنوم و لا لذّة أ عليه مثل ما على هذا؟ قال: ما هذا بمنزلة هذا و ما أحبّ ان ينشقّ له الفجر الا و هو

بمنى «1» و عليه يحمل الأخبار المتقدمة الدّالة على ثبوت مطلق الدم عليه بدون تعيين جنسه.

و لكن يمكن ان يقال بمعارضة ما رواه عبد الغفار الجازي لما دل على ثبوت دم شاة على من ترك المبيت بمنى و هو قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل نصف الليل فأصبح بمكة؟ قال:

لا يصلح له حتى يتصدق بها صدقة أو يهريق دما. إلخ «2» وجه المعارضة انه كما ترى يدل على التخيير لمن خرج من منى قبل

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 5

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 14

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 59

..........

نصف الليل و ترك المبيت فيها و أصبح و هو بمكة بين اهراق الدم أو التصدق بصدقة، و هذا بخلاف صحيح صفوان لدلالته على وجوب دم الشاة عليه معينا.

يمكن الجمع بينهما برفع اليد عن الإطلاق الأوى الثابت لصحيح صفوان برواية عبد الغفاري الجازي الدال على التخيير بين الدم و التصدق بصدقة.

و لكن و الذي يسهّل الخطب ان هذا الحديث ضعيف سندا و لم ينجبر ضعفه بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) الموجب لخروجه عن حيّز دليل الحجّية و الاعتبار فظهر انه لو ترك المبيت بمنى فعليه دم شاة.

(المقام الثاني) و أما الكلام في المقام الثاني فنقول انه قد يقال بأن الكفارة تتعدد بتعدد الليالي لما رواه جعفر بن ناجية قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عمّن بات ليالي منى بمكة؟ فقال. عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن «1» و أما ضعف سنده فمنجبر بعمل الأصحاب بمضمونه الموجب للوثوق بصدوره عن المعصوم (عليه

السلام) الذي هو مناط اندراج الخبر تحت دليل الاعتبار فلا يصغى الى المناقشة فيه من ناحية السّند فتأمل.

و لكن يمكن ان يقال بمعارضته الأخبار الكثيرة الدالة على اراقة دم على من ترك المبيت في ليالي منى- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 6

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 60

..........

1- ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن رجل بات بمكة في ليالي منى حتى أصبح؟ قال: ان كان أتاها نهارا فبات فيها حتى أصبح فعليه دم يهريقه «1» و لكن قد يقال بعدم ظهوره في ترك البيتوتة في جميع اللّيالي الثّلاث بمنى لمكان كلمة (في) فيه.

2- ما في صحيح معاوية بن عمار قال: (عليه السلام) لا تبت ليالي التشريق الا بمنى فان بت في غيرها فعليك دم. «2»

3- ما رواه عبد اللّه بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سألته عن رجل بات بمكة حتى أصبح في ليالي منى؟ فقال: ان كان أتاها نهارا فبات حتى أصبح فعليه دم شاة يهريقه، و إن كان قد خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شي ء «3» و كيف كان فالتحقيق عدم صلاحيّة هذه الأخبار لمعارضة ما دل على لزوم الدّم لكل ليلة من ليالي منى إذا ترك الميت فيها لإعراض الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) عنها الموجب لخروجها عن حيّز دليل الاعتبار فلا مجال للعمل بها فيمكن الجمع بينها و بين ما تقدم من الاخبار بالحمل على ارادة الجنس حذرا من الطرح.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 2.

(2) الوسائل ج 2

الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 8.

(3) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 23.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 61

..........

ينبغي هنا الإشارة الى ما يلي 1- انه لا يعارض ما دل على لزوم دم شاة لكل ليلة ما رواه العيص ابن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى؟ قال: ليس عليه شي ء و قد أساء «1» و ذلك فلان هذا الحديث ضعيف سندا و لم يثبت جبر ضعف سنده بعمل الأصحاب، بل ثبت خلافه، لكونه معرض عنه عندهم الموجب ذلك لخروجه عن حيز دليل الاعتبار فلا مجال للبناء عليه و لذا حمله الشيخ (قدس سره) على من بات بمكة مشتغلا بالعبادة و جوّز حمله على من خرج من منى بعد نصف الليل الذي لا كفارة فيه.

ثم انه يحتمل أن يكون تركه المبيت في ليلة من ليالي منى من جهة العذر.

بل قد يدعى ظهوره فيه بقرينة قوله: (فاتته ليلة).

و أما قوله (عليه السلام): (أساء) فلصدقه فيما لو كان مقصرا في جهة العذر.

و أما قوله (عليه السلام): (أساء) فلصدقه فيما لو كان مقصرا في منشأ الفوت فتأمل.

2- انه لا يعارض ما دل على لزوم دم شاة في كل ليلة من ليالي منى إذا تركها ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل؟ فقال: لا بأس «2» و ذلك لان المراد من

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 7

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 12

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 62

..........

قوله

(من شغل) هو شغل العبادة بقرينة الأخبار الآتية:

3- ان مقتضى إطلاق قوله (عليه السلام): (عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن) في رواية جعفر بن ناجية المتقدمة في جواب السائل عمن ترك المبيت في ليالي منى بان أصبح في مكة: هو لزوم ذلك على من ترك المبيت فيها في جميع ليالي التشريق الثلاث و لكنه يقيد بما سيجي ء مما دل على عدم لزوم المبيت فيها في الليلة الثالثة على الجميع بل على بعض الأشخاص فبعد تقييد إطلاقه به يقال بلزوم ثلاثة غنم على من ترك المبيت فيها الليلتين و هما الليلة الحادي عشر و الثاني عشر فتأمل.

المقام الثالث و أما الكلام في المقام الثالث فنقول ان تركه المبيت في منى (تارة) يكون عمدا و بلا عذر سواء كان عالما أو جاهلا مقصرا و (اخرى): عن عذر كالنسيان أو الاضطرار أو الحرج أو المزاحمة بما هو أهم- كالعرض أو تلف المال الكثير- أو الجهل القصورى بالحكم بناء على إمكان تحققه في هذا الزمان أو بالموضوعي كمن بات بعيدا عن الناس بخيال ان ذلك المكان ايضا من منى بناء على إمكان تصوره و وقوعه في زماننا.

اما من ترك المبيت فيها عمدا و بلا عذر فلا ينبغي الإشكال في ثبوت الكفارة عليه.

و أما من تركه لعذر فيمكن ان يقال بسقوط الكفّارة عنه، لأنها فرع العصيان المفقود هنا.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 63

..........

اللهم الا ان يقال انه كما يحتمل ان تكون الكفارة جزاء للعصيان كذلك يحتمل أن تكون جابرة للنقصان الوارد في الواجب و من المعلوم ان احتمال الثاني غير متفرع على العصيان.

ان قلت: انه يمكن ان يقال بسقوط الكفارة عنه بدليل حديث الرفع.

قلت: ان دليل الرفع انما دل على

ارتفاع الحكم التكليفي دونها فهي ثابتة في ذمته نظير من ارتكب بعض محرمات الإحرام اضطرارا فكما يقال بثبوت الكفارة فيه فكذلك في المقام.

فتحصل مما ذكرنا ثبوت الكفارة على من ترك المبيت بمنى. سواء كان ذلك بلا عذر أو معه، بل لولا الدليل على نفي الكفارة لمن خرج من منى بعد نصف الليل لقلنا بثبوت الكفارة عليه، لدعوى ان مقتضى إطلاق الأدلة الدال على وجوب المبيت هو وجوبه في تمام الليل و مقتضى دليلها هو ثبوتها على تارك المبيت مطلقا و بما انه قام الدليل على جواز ترك المبيت بعد نصف الليل فترفع اليد عن الحكم التكليفي اما الكفارة فلا.

و قد عرفت ان الكفارة كما يحتمل ان تكون جزاء للعصيان كذلك يحتمل ان يكون جابرة للنقصان و كذلك لو لا الدليل على نفي الكفارة لمن ترك المبيت بمنى لاشتغاله بالعبادة في مكة، لقلنا بثبوتها عليه، (لما ذكر و هو ان الساقط منه هو الحكم التكليفي دون الكفارة.

الا ان يقال: انه و ان ترك المبيت بها و لكنه اتى ببدله و هو العبادة في مكة فتأمل.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 64

..........

ينبغي هنا ذكر أمور الأول- انه قد يقال إذا ترك المبيت في منى في أول الليل و لكن اتى بها قبل الصباح كان عليه الكفارة لكونه تاركا للمبيت الواجب و أما كونه في منى قبل الصباح فهو واجب على حدة ثبت بالدليل و ليس رافعا للكفارة و لكن قد يقوى في النظر عدم وجوبها الا بالمبيت في تمام الليل في غير منى لدعوى ظهور اخبار وجوب الكفارة بصورة المبيت في تمام الليل بغيرها و يومي اليه صحيح ابن مسلم و جميل «1» و نحوهما فتدبر.

الثاني- الظاهر

عدم ثبوت الكفارة لمن خرج من منى بعد منتصف الليل و لو دخل مكة قبل الصباح حتى على القول بحرمة دخوله فيها قبله و ذلك لعدم قيام دليل تعبدي على ذلك و أما المبيت الواجب فقد تحقق منه الثالث- انه قد يفصل فيما إذا ترك المبيت بمنى بغير عمد بين ان يبيت في مكة أو يبيت في غيرها في الحكم بثبوت الكفارة في الأول دون الثاني خلافا لمقتضى القاعدة، لأن مقتضاها ثبوتها عليهما، و ذلك لما رواه جميل ابن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من زار فنام في الطريق فان بات بمكة فعليه دم، و ان كان قد خرج منها فليس عليه شي ء و ان أصبح دون منى «2»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 3 و 19

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 16

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 65

..........

و مما يمكن الاستدلال به على التفصيل المذكور صحيح هشام بن الحكم عن أبى عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة فنام ثم أصبح قبل ان يأتي منى فلا شي ء عليه «1» فيقيد بحديث جميل ما دل على ثبوت الكفارة لمن ترك المبيت بمنى مطلقا كقوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمار: (فان بت في غيرها فعليك دم) «2» كما انه يقيد به أيضا إطلاق قوله (عليه السلام): (لا بأس) «3» في حديث سعيد بن يسار الدال على عدم ثبوت الكفارة مطلقا بعد الغض عما فيه كما انه يقيد به أيضا إطلاق رواية العيص بن القاسم (عن رجل فاتته ليلة من ليالي

منى قال ليس عليه شي ء) «4» و لكن قد أشرنا سابقا الى كونه ظاهرا في غير العمد لقوله: (فاتته) و لا ينافيه قوله: (و قد أسائه) لصدق ذلك فيما لو كان مقصّرا في منشأ الفوت هذا بناء على عدم ثبوتها في غير العمد.

(ينبغي هنا الإشارة إلى ما يلي) 1- انه لا يعارضه اى حديثه جميل الدال على التفصيل بين ما إذا بات في مكة أو في غيرها في الحكم بثبوت الكفارة في الأول دون الثاني ما رواه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 17

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 8

(3) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 12

(4) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 7

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 66

الا ان يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة (1)

علي عن أبي إبراهيم قال: سألته عن رجل زار البيت فطاف بالبيت و بالصفا و المروة ثم رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتى أصبح؟ قال:

عليه دم شاة «1» لتقييده بحديث جميل الدّال على عدم ثبوت الكفارة إذا نام في غير طريق مكة.

2- انه لا يعارضه ايضا ما رواه محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يزور فينام دون منى؟ فقال. إذا جاوز عقبة المدنيين فلا بأس ان ينام «2» لدلالته على عدم جواز نومه عمدا قبل جوازه عن عقبة المدنيين لا انه إذا نام قبل ذلك كان عليه الكفارة

(1) ما افاده المصنف (قدّس سرّه) من عدم ثبوت الكفارة فيما إذا ترك المبيت بمنى و لكن بات في مكة مشتغلا بالعبادة مما هو المعروف

بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) و استدل له بجملة من النصوص- منها.

1- قوله عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: (إذا فرغت من طوافك

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 10

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 15

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 67

..........

للحج و طواف النساء فلا تبيت الا بمنى الا أن يكون شغلك في نسكك.

إلخ «1» 2- قوله (عليه السلام) في حديثه الآخر فان خرجت أوّل اللّيل فلا ينتصف الليل الا و أنت في منى الا ان يكون شغلك لنسكك. «2»

3- ما في حديث معاوية و سألته عن الرجل زار فلم يزل في طوافه و دعائه و في السعي بين الصفا و المروة حتى يطلع الفجر؟ قال: ليس عليه شي ء كان في طاعة اللّه «3» (ينبغي هنا الإشارة إلى أمور) الأول- ان الأفضل لمن بات في مكة لأجل العبادة و النسك ان لا ينشق له الفجر الا و هو بمنى فيقدم ذلك على المقدار من العبادة المزاحم لذلك، لما في صحيح صفوان قال: قال أبو الحسن: سألني بعضهم عن رجل بات ليالي منى بمكة، فقلت: لا أدري، فقلت له: جعلت فداك ما تقول فيها؟ قال (عليه السلام): عليه دم شاة، إذا بات، فقلت: ان كان انما حبسه شأنه الّذي كان فيه من طوافه و سعيه لم يكن لنوم و لا لذّة أ عليه مثل ما على هذا؟ قال:

ما هذا بمنزلة هذا و ما أحبّ ان ينشق له الفجر الا و هو بمنى «4»، نحوه غيره من الاخبار.

الثاني- انه قد ذهب بعض الى ان الأفضل لمن يأت في مكة مشتغلا

______________________________

(1) الوسائل

ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 8

(3) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 9

(4) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 68

..........

بالعبادة الرجوع إليها قبل ان ينتصف الليل و لكن الحكم بذلك يحتاج الى دليل و لم يثبت.

و أما قوله عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار (فان خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل الا و أنت في منى) «1» و نحوه فهو مختص بغير المشغول بالعبادة و لذا استثنى منه فيه.

الثالث- ان المسقط لوجوب المبيت في منى هل هو العبادة في مكة المكرمة في تمام الليل أو في خصوص النصف الأول منه؟

يمكن ان يقال بالثاني بدعوى دلالة الاخبار على وجوبه فيه و انما جعل بدله العبادة في مكة في زمان وجوبه.

و يمكن أن يقال بالأول لوجهين:

الأول- ما تقدم من عدم اختصاص المبيت بالنصف الأول فمن زار البيت أول الليل أو نهارا كان عليه أن يصبح و هو بمنى الثاني- قوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمار: (إذا فرغت من طوافك. فلا تبيت الا بمنى الا ان يكون شغلك نسكك) «2» فان المراد من البيتوتة في الحديث الأول ليس الا الكون بمنى ليلا و لو قبيل الصبح لا في خصوص النصف الأول من الليل كيف و المفروض فيه خروجه للزيارة نهارا أو في أول الليل و الاخبار مصرحة بعدم وجوب رجوعه إلى منى في النصف الأول من الليل و من المعلوم ان المسقط للمبيت ليست هي العبادة بما هي بل العبادة المانعة له

عن المبيت بمنى كما هو واضح.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 8

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 69

..........

الرابع- من كان تكليفه الرجوع الى منى لعدم اشتغاله بالعبادة في تمام نصف الليل من اوله بل اشتغال بها بعد مضي مقدار منه فيقع الكلام في ان عباداته هل تقع صحيحة أولا و الظاهر انه لا مانع من الحكم بصحة عباداته اما لمسألة الترتب و أما للقول بكفاية الملاك على ما حقق في محله الخامس- انه هل يعتبر في المبيت بمنى النيّة، التي هي الأصل في كل مأمور به أولا؟ فنقول: ان النية لها ركنان:

(الأول)- الإرادة و هي ثابتة في كل واجب لاعتبار كونه فعلا إراديا و على ذلك فلو نام في مكة مثلا و حملوه إلى منى لم يكف ذلك لعدم كونه ناويا المبيت بمنى و يحكم بثبوت الكفّارة عليه و لو قلنا بعدم كون المبيت امرا عباديا.

(الثاني)- قصد القربة و هذا مختص بالأمور العبادية فعليه بناء على كون المبيت بمنى من الأمور العبادية فلو بات بمنى بدون قصد القربة يحكم بعدم صحته و أما بناء على كونه توصليا يحكم بصحته و لو أتى به رياء و لم يدل دليل في خصوص المبيت بمنى على كونه قريبا.

و أما قوله: تعالى (وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) فلا يدل على اشتراط القربة فيه، فان معنى: (للّه) انه واجب من واجبات اللّه على الناس.

مضافا الى إمكان القول بخروج الرّمي عن واجبات الحج و أجزائه و لذا لو تركه عمدا فلا يحكم ببطلان حجه فتأمل.

و أما الإجماع ففيه

مالا يخفى لعدم كونه من الإجماع المعتبر و هو

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 70

..........

التعبدي الموجب للقطع بصدور الحكم عن المعصوم (عليه السلام):

فعليه تنقيح هذا يبتني على ان الأصل في الواجبات التعبدية أو التوصلية فإن قلنا بإمكان أخذ قصد القربة في ضمن الأمر بناء على عدم انحصار قصد القربة في قصد الأمر كان مقتضى إطلاق الدليل عدم اشتراط قصد القربة، و ان قلنا بعدم إمكان أخذه فيه بناء على انه منحصر فيه فالدليل الاولى لا يدل على اشتراط قصد القربة فيرجع الى الأصل العملي- و مقتضاه عدم اشتراطها فتحقيق الكلام و تفصيله موكول الى محله:

و كيف كان فقد نص غير واحد على اعتبار النية في المبيت بمنى لأنه عبادة نحو ما تقدم في سائر المناسك و انه لو أخل بها عمدا اثم.

ينبغي هنا الإشارة إلى أمر و هو انه لو أخل بالنية هل يثبت عليه الكفارة أولا؟ مال صاحب الجواهر (قدس سره) الى عدم ثبوت الفدية عليه للأصل، و انصراف ما دل على ثبوت الفدية بترك المبيت الى تركه رأسا.

و لكن يمكن المناقشة فيما استدل به صاحب الجواهر (قدّس سرّه) على عدم ثبوت الكفّارة فيما لو أخل بالنيّة.

اما في الأصل فلانقطاعه بإطلاق ما دل على لزوم الفدية بترك المبيت الشّامل لما نحن فيه و هو تركه حكما لا حقيقة.

و أما في دعوى انصرافه الى ترك المبيت رأسا فيمكن المناقشة فيه بعدم كونه من الانصراف المعتبر الذي قد ذكرنا غير مرّة ان المعتبر منه هو ما إذا كان بمنزلة القيد المذكور في الكلام بحيث لو صرّح بخروج

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 71

أو يخرج من منى بعد نصف الليل (1)

المنصرف عنه عن تحت الإطلاق

كان توضيحا للواضح و كونه في المقام كذلك غير معلوم، فلا انصراف في البين أولا، و على فرض ثبوته فبدوى ثانيا، فلا عبرة به، فتأمل

(1) ما افاده المصنف (قدس سره) من جواز الخروج من منى بعد نصف الليل ممّا لا ينبغي الإشكال فيه.

لقوله عليه السلام في خبر عبد الغفار الجازي (فإن خرج من منى بعد نصف الليل لم يضره شي ء) «1» و قوله (عليه السلام) في خبر جعفر ابن ناجية: (إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل الا و هو بمنى و إذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس ان يصبح بغيرها «2» و قوله (عليه السلام) في صحيح العيص (ان زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح الا و هو بمنى و ان زار بعد نصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح و هو بمكة «3» و ظاهر هذه النصوص جواز دخوله في مكّة قبل الفجر خلافا للمحكي عن النهاية و المبسوط و الوسيلة و السرائر و الجامع من انه إذا خرج من منى بعد الانتصاف فلا يدخل مكة قبل الفجر و لكنه لم نرى له دليلا قابلا للاعتماد عليه.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 14

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 20

(3) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 72

و قيل يشترط ان لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر (1) قيل (2) لو بات الليالي الثلاث بغير منى لزمه ثلاث شياه و هو محمول على من غربت الشمس في الليلة الثالثة و هو

بمنى أو من لم يتق الصيد و النساء (3)

ينبغي هنا الإشارة إلى أمر و هو ان الخروج من منى بعد نصف الليل و ان كان جائزا الا انه مكروه، لما رواه ابى الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الدلجة إلى مكّة أيام منى و انا أريد أزور البيت؟ فقال: لا حتى ينشقّ الفجر كراهية ان يبيت الرجل بغير منى «1»

(1) القول للشيخ و غيره و لكن لا نعلم مأخذه فإن الروايات مطلقة في جواز الخروج بعد نصف الليل.

(2) القائل في محكي النهاية و ابن إدريس بل في المدارك نسبته الى جمع من الأصحاب.

(3) لا ينبغي الإشكال فيه لاختصاص وجوب المبيت في الليلة الثالثة في منى بها دون غيرها.

اما وجه اختصاص وجوب المبيت في الليلة الثالثة بمن لم يتق النساء و الصيد فلما سيأتي عند ذكره المصنف (ان شاء اللّه تعالى):

و أما وجه اختصاص الليلة الثالثة لمن غربت عليه الشمس و هو بمنى فمما هو

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب العود إلى منى الحديث 11

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 73

..........

المشهور بين الأصحاب، بل لا أجد فيه خلافا بل عن المنتهى و ظاهر التذكرة: الإجماع عليه، و يدل عليه جملة من النصوص المروية (عنهم عليهم السلام)- منها:

1- حسن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس، فإن أدركه المساء بات و لم ينفر «1» 2- خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا نفرت في النفر الأول فإن شئت ان تقيم بمكة و تبيت بها فلا بأس بذلك قال و قال: إذا جاء الليل بعد النفر

الأول فبت بمنى فليس لك ان تخرج منها حتى تصبح «2» 3- خبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل ينفر في النفر الأول؟ قال: له ان ينفر ما بينه و بين ان تسفر الشمس فان هو لم ينفر حتى يكون عند غروبها فلا ينفر و ليبت بمنى حتى إذا أصبح و طلعت الشمس فلينفر متى شاء «3» ينبغي هنا بيان أمور الأول- هل يجب المبيت في الليلة الثالثة بمجرد غروب الشمس و هو بمنى أولا يجب الا بعد دخول المغرب الشرعي الذي لا يتحقق الا بزوال الحمرة المشرقية في حال كونه بمنى و لكن لا يفرق بين هذين القولين

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 74

..........

لما ذكر في محله من ان ذهاب الحمرة امارة على غروب للشمس من جميع الآفاق.

و على فرض الاختلاف فقد عرفت دلالة الاخبار على وجوب المبيت فيها بمجرد غروب الشمس فتدبر.

الثاني- انه لو رحل فغربت الشمس قبل خروجه من منى فعن المنتهى، لا يلزم المبيت على اشكال و عن التذكرة الأقرب ذلك مستندا فيها إلى المشقة في الحط و الرحال.

و لكن التحقيق انه يجب عليه المبيت فيها إذا غربت الشمس عليه و هو في منى لان العبرة حسب المستفاد من ظاهر الاخبار هو تحقق غروب الشمس و هو في منى و المفروض انه حصل ذلك و لو كان ذلك في الجزء الأخير منه و لا يصدق عليه انه خرج من

منى قبل الغروب و ان قطع معظمه طريقه.

و لذا قال في الدروس (الأشبه: المقام) و تبعه في المسالك و غيرها و هو خيرة صاحب الجواهر ايضا حيث قال: (ضرورة كون المراد بغروب الشمس هنا هو الغروب المعتبر في حل الصلاة و الإفطار من غير فرق بين من تأهب للخروج و غربت عليه قبل ان يخرج و غيره و بين من نفر و لم يتجاوز حدود منى و غيره لصدق الغروب عليه بمنى فإن أجزائها متساوية في وجوب المبيت بها) الثالث- انه لو خرج من منى قبل غروب الشمس ثم رجع بعد خروجه لأخذ شي ء نسيه مثلا أو لتدارك واجب عليه بها.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 75

و يجب ان يرمى كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصيات (1).

فان عاد بعد الغروب لم يجب عليه المبيت، و أما لو رجع قبل الغروب فغربت الشمس عليه بها: ففي المسالك في وجوب الإقامة عليه وجهان، و قرب العلامة الوجوب، و الوجهان آتيان في وجوب الرمي.

و التحقيق: انه يجب عليه المبيت بها، لصدق عنوان غروب الشمس عليه و هو بمنى كما قلنا بذلك لو غربت في أثناء خروجه من منى.

و اما خبر علي عن أحدهما عليهما السلام انه قال: في رجل بعث بثقله يوم النفر الأول و اقام هو الى الأخير؟ قال: هو ممن تعجل في يومين «1» فلا دلالة فيه على عدم وجوب المبيت لمن خرج و غربت عليه الشمس قبل خروجه من حدود منى فضلا عن غيره فتأمل.

الرابع- انه لو أخل بالمبيت بعد وجوبه عليه في الليلة الثالثة تجب الفدية عليه و هو دم شاة على ما تقدم تفصيله.

(1) ما أفاده المصنف من

وجوب الرّمي في كل يوم من أيام التشريق اى اليوم الحادي عشر و الثاني عشر الجمار الثلاث كل جمرة سبع حصيات مما هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه تعالى أسرارهم) بل في الجواهر:

بلا خلاف متحقق أجده فيه كما اعترف به بعضهم، قال في محكي السرائر:

«لا خلاف بين أصحابنا في كونه واجبا و لا أظن أحدا من المسلمين يخالف فيه و ان الاخبار به متواترة.).

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 12.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 76

..........

و استدل له بما رواه عمر بن أذينة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قال: سألته عن قول اللّه تعالى (الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)؟ قال:

الحج الأكبر الوقوف بعرفة و رمى الجمار «1».

و خبر عبد اللّه بن جبلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من ترك رمى الجمار متعمدا لم تحل له النساء و عليه الحج من قابل «2».

________________________________________

شاهرودى، سيد محمود بن على حسينى، كتاب الحج (للشاهرودي)، 5 جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، دوم، ه ق

كتاب الحج (للشاهرودي)؛ ج 5، ص: 76

و لكن لم نجد قائلا بمضمون هذا الخبر كما اعترف به في محكي التذكرة بعد ان نسبه الى شذوذ.

ينبغي هنا التّنبيه على أمر و هو انه هل يجب الرمي في اليوم الثالث عشر ان أقام ليلته في منى أولا؟ المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) وجوبه عليه بل في كشف اللثام لعله لا خلاف فيه.

و لكن قد عقد في الوسائل بابا بعنوان (من أمسى بمنى ليلة الثالث عشر وجب عليه المبيت بها و ان نفر قبل الغروب سقط عنه) و قد ذكر فيه ما دل من الاخبار على ذلك و

لكن لم يذكر فيها الرمي في يومها و لا بأس بذكر بعض منها و هو:

1- ما رواه عبد اللّه بن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل ينفر في النفر الأول؟ قال: له ان ينفر ما بينه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 4 من أبواب العود إلى منى الحديث 1.

(2) الوسائل ج 2 الباب 4 من أبواب العود إلى منى الحديث 5.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 77

..........

و بين ان تسفر الشمس فان هو لم ينفر حتى يكون عند غروبها فلا ينفر و ليبت بمنى حتى إذا أصبح و طلعت الشمس فلينفر منى شاء «1».

2- ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

إذا نفرت في النفر الأول فإن شئت ان تقيم بمكة و تبيت بها فلا بأس بذلك، قال: و قال: إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبعت بمنى فليس لك ان تخرج منها حتى تصبح «2».

3- ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس فإن أدركه المساء بات و لم ينفر «3» و لكن في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)- على ما رواه الصدوق و الشيخ- قدس سرهما-: (و ان تأخرت إلى آخر أيام التشريق و هو النفر الأخير فلا عليك أي ساعة نفرت و رميت قبل الزوال أو بعده «4» و في رواية دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) انه قال: لما اقبل رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) من المزدلفة مرّ على جمرة العقبة يوم النحر فرماها يسبع حصيات ثم أتى منى و

كذلك السنة ثم رمى أيام التشريق الثّلاث جمرات كل يوم عند زوال الشمس و هو أفضل «5»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 4.

(2) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 2.

(3) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب العود إلى منى الحديث 1.

(4) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 3.

(5) المستدرك ج 2 الباب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 78

..........

ينبغي هنا الإشارة إلى أمور 1- انه ينبغي لمن اقام بمنى في هذه الأيام أي أيام التشريق ان يصلي فرائضه و نوافله في مسجد الخيف و أفضلها مصلى رسول اللّه و هو من المنارة إلى نحو من ثلاثين ذراعا من جهة القبلة و عن يمينها و يسارها و خلفها:

و استدل لذلك بصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

صل في مسجد الخيف و هو مسجد منى و كان مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد و فوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا و عن يمينها و عن يسارها و خلفها نحوا من ذلك. فان استطعت ان يكون مصلاك فيه فافعل فإنه قد صلى فيه ألف نبي و انما سمى الخيف لانه مرتفع عن الوادي و ما ارتفع عن الوادي سمي خيفا «1» لا يخفى ان ظاهر قوله عليه السلام (صل في مسجد الخيف) و ان كان هو الوجوب الا انه يتعين رفع اليد عنه لتسالم الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) على الخلاف.

2- انه يستحب التسبيح و التهليل و التحميد مأة

مأة، و صلاة مأة ركعة فيه، و استدل لذلك برواية أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من صلى في مسجد الخيف بمنى مأة ركعة قبل أن يخرج منه:

عدلت عبادة سبعين عاما، و من سبح اللّه فيه مأة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة، و من هلل اللّه فيه مأة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 79

و يجب هنا زيادة على ما تضمنه شروط الرمي الترتيب يبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة (1)

حمد اللّه فيه مأة تحميد عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل اللّه عز و جل «1» 3- انه يستحب الصلاة ست ركعات في أصل الصومعة و استدل له بخبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: صل ست ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة «2» و الاولى ان تكون هذا الست عند ارادة الرجوع الى مكة مودعا لها إذا ابيضت الشمس من اليوم الثالث عشر لكن الرواية مطلقة.

نعم يمكن دعوى الانصراف في رواية الثمالي في المأة ركعة كما يظهر ذلك بأدنى تأمل.

(1) اما وجوب الترتيب بين رمي الجمرات الثلاث فهو المعروف بين الأصحاب (قدس سرهم) بل في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه بل المحكي منه صريحا و ظاهرا مستفيض) و استدل له بخبر معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

ارم في كل يوم عند زوال الشمس، و قل كما قلت حين رميت جمرة العقبة فابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها في بطن المسيل، و قل كما قلت يوم النحر، ثم قم

عن يسار الطريق فاستقبل القبلة و احمد اللّه و أثن عليه و صلى على النبي (صلى اللّه عليه و آله) ثم تقدم قليلا فتدعو و تسئله ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 80

و لو رماها منكوسة أعاد على الوسطى و جمرة العقبة (1)

يتقبل منك ثم تقدم ايضا ثم افعل ذلك عند الثانية و اصنع كما صنعت بالأولى و تقف و تدعوا اللّه، كما دعوت، ثم تمضى إلى الثالثة و عليك السّكينة و الوقار فارم و لا تقف عندها «1» تقريب دلالته على الترتيب: هو أن أمر الإمام (عليه السلام) بالبدأة بالأول و العطف بثم في الباقي ظاهر في الترتيب، و نحوه غيره من الاخبار

(1) اما وجوب إعادة الرّمي على الوسطى و جمرة العقبة لو رماها منكوسة سواء كان ذلك عن عمد أو جهل أو سهو فمما هو المعروف بين الأصحاب بل في الجواهر: (بلا خلاف و لا اشكال بل الإجماع بقسميه عليه تحصيلا لإيقاع المأمور به على وجهه. إلخ) استدل لذلك بجملة من النصوص المروية عنهم عليهم السلام- منها:

1- ما رواه معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قال: قلت له: الرّجل يرمى الجمار منكوسة؟ قال: يعيدها على الوسطى و جمرة العقبة «2» 2- ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي رمى الجمار يوم الثاني فبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأولى يؤخر ما رمى بما رمى فيرمى الوسطى ثم جمرة العقبة «3» اي يؤخر ما قدم رميه نسيانا و لو

______________________________

(1) صدره في الوسائل في

الباب 12 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 1 و ذيله في الباب 10 منها الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(3) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 81

و وقت الرمي ما بين طلوع الشمس الى غروبها (1)

بقرينة رواية معاوية بن عمار المتقدمة:

3- ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قلت الرجل ينكس في رمى الجمار فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم العظمى؟

قال: يعود: فيرمى الوسطى ثم يرمى جمرة العقبة و ان كان من الغد «1»

(1) اما وقت الرمي للمختار ما بين طلوع الشمس الى غروبها فمما هو المشهور بين الأصحاب، و لعله اليه يرجع ما في محكي الوسيلة ان وقت الرمي طول النهار، و ما عن الإشارة: انه من أول النهار خصوصا بعد ما عن بعض كتب أهل اللغة من كون النهار من طلوع الشمس الى الغروب على ما في الجواهر.

و استدل لذلك بجملة من النصوص الواردة في المقام- منها:

1- صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

رمى الجمار من طلوع الشمس الى غروبها «2» 2- صحيح صفوان بن مهران قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: ارم الجمار ما بين طلوع الشمس الى غروبها «3» 3- صحيح زرارة أو حسنه عن أبي جعفر (عليه السلام) انه قال للحكم ابن عيينة: ما حد رمى الجمار؟ فقال: الحكم: عند زوال الشمس فقال أبو

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

(2) الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب رمي الجمرة العقبة الحديث 4

(3)

الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب رمي الجمرة العقبة الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 82

..........

جعفر يا حكم أ رأيت لو انهما كانا اثنين. فقال أحدهما لصاحبه: احفظ علينا متاعنا حق ارجع أ كان يفوته الرمي هو و اللّه ما بين طلوع الشمس الى غروبها «1» يمكن أن يقال بمعارضتها صحيح جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قلت له: متى يكون رمى الجمار؟ فقال من ارتفاع النهار الى غروب الشمس «2» و صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ارم في كل يوم عند زوال الشمس و قل كما قلت عند رمي الجمرة العقبة «3» يمكن الجمع بينها بوجهين:

الأول- حملها على مراتب الفضل بان يقال: انه من طلوع الشمس الى ارتفاع النهار وقت الاجزاء و من حين ارتفاع النهار الى الزّوال وقت الفضيلة و عند الزوال وقت الأفضل: و (فيه): انه جمع بلا شاهد فلا يصار اليه.

الثاني- يمكن ان يقال في وجه الجمع بينهما بان المراد من النهار في قوله (عليه السلام) في حديث جميل هو يوم الصوم، فيكون المراد من الارتفاع هو طلوع الشمس فلا ينافي مع ما تقدم من الاخبار المتقدمة الدالة

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 5

(2) الوسائل ج 2 الباب 13 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 1

(3) الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 83

..........

على ان وقت الرّمي من طلوع الشمس الى غروبها.

و اما أمره (عليه السلام) بقوله (ارم عند الزوال) في حديث معاوية و ان كان ظاهرا في الوجوب، الا انه

ترفع اليد عنه بقرينة ما دل على ان وقت الرمي من طلوع الشمس الى الغروب فيحمل على الاستحباب بقانون حمل الظّاهر على النّص، و قد ذكرنا غير مرّة ان حكومة النّص على الظاهر من اجلى الحكومات، و نتيجة ذلك هو ان وقت الرمي موسع من أول طلوع الشمس الى غروبها، و لكن الأفضل الإتيان به وقت الزوال لما عرفت.

و مما ذكرنا يعلم الوجه فيما ذكره غير واحد من الأصحاب من كون الأفضل وقوعه عند الزوال و في هذا الجمع بين الاخبار المتقدمة في صدر المبحث و بين صحيح جميل ما لا يخفى، و لكن التحقيق: ان صحيح جميل و معاوية لا يصلحان لمعارضتهما للأخبار المتقدمة الدالة على ان وقت رمي الجمار من طلوع الشمس الى غروبها اما صحيح جميل فلانه و ان كان صريحا في تحديد وقته من ارتفاع النهار الى الغروب و لكن الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) أعرضوا عنه، فخرج بذلك عن حيّز دليل الحجّية و الاعتبار.

و اما حديث معاوية فليس صريحا في مقام التّحديد بزوال الشمس و أما الأمر بالرّمي فيه عند زوال الشمس فلا يدل على التحديد. نعم له ظهور إطلاقي في ذلك و هو ينهدم بالأخبار المتقدمة في صدر المبحث الصريحة في كون وقت الرمي من طلوع الشمس الى غروبها.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 84

..........

فعليه يقال ان وقت الرمي من طلوع الشمس الى غروبها و لكن الأفضل الإتيان به عند الزوال فتأمل.

و لكن حكى عن الغنية و الإصباح و الجواهر: ان وقته بعد الزوال و في الخلاف: لا يجوز الرمي أيام التشريق الا بعد الزوال، و قد روى رخصة قبل الزوال في الأيام كلها، و بالأول قال الشافعي و

أبو حنيفة، إلا أن أبا حنيفة قال: و ان رمى يوم الثالث قبل الزوال جاز استحسانا و قال طاوس: يجوز قبل الزوال في الكل. دليلنا: إجماع الفرقة و طريقة الاحتياط، فان من فعل ما قلناه لا خلاف انه يجزيه و إذا خالفه ففيه الخلاف.

و لكن قال صاحب الجواهر بعد ذكر الأخبار المتقدمة: (و هي مع اعتبار أسانيدها و عمل الطائفة بها قديما و حديثا لا محيص عن العمل بها خصوصا بعد سلامتها عن معارضة ما عدا الإجماع المحكي الموهون بمصير معظم من تقدمه- كابن الجنيد و ابن أبي عقيل و المفيد و الصدوقين و المرتضى و جميع من تأخر عنه- الى خلافه بل هو قد رجع عنه في مبسوطه و نهايته و لذا قال في المختلف: انه شاذ لم يعمل به أحد من علمائنا، حتى ان الشيخ المخالف و أفق أصحابه فيكون إجماعا، لأن الخلاف ان وقع منه قبل الوفاق فقد حصل الإجماع و ان وقع بعده لم يعتد به إذ لا اعتبار بخلاف من يخالف الإجماع» و ان كان لا يخلو من نظر.

و اما الاحتياط فهو معارض بالنصوص المعتبرة المعمول بها بين

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 85

و لا يجوز أن يرمي ليلا الا لعذر كالخائف و المريض و الرعاة و العبيد (1)

الطائفة على ان التحقيق العمل بأصل البراءة مع فرض الشك في أمثال ذلك إلخ).

و كيف كان فلا يبقى مجال بناء على ما ذكرنا القول بأنه كلما قرب الى الزوال كان أفضل و لا القول بامتداد الفضل من حين الزوال الى الغروب كما أفاده بعض، و لكن مع ذلك كله لا تخلو المسألة من تأمّل.

(1) اما عدم جواز رمي الجمرات في الليل

في حال الاختيار فلا ينبغي الإشكال فيه و ذلك لما عرفت من الاخبار الدالة على ان وقت رمي الجمرات من طلوع الشمس الى غروبها.

أما جواز الرمي ليلا للمعذور كالخائف و المريض و الراعي و الحطاب و نحوها فهو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) و يدل عليه جملة من النصوص- منها:

1- صحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لا بأس ان يرمى الخائف بالليل و يضحى و يفيض بالليل «1» 2- موثق سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: رخص للعبد و الخائف و الراعي في الرمي ليلا «2» 3- حسن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انه قال في الخائف لا بأس بأن يرمي الجمار بالليل، و يضحى بالليل، و يفيض بالليل «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 86

و من حصل له رمي اربع حصيات ثم رمى على الجمرة الأخرى حصل بالترتيب (1)

4- ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الذي ينبغي له ان يرمى بليل من هو؟ قال: الحاطبة و المملوك الذي لا يملك من أمره شيئا، و الخائف، و المدين، و المريض الذي لا يستطيع ان يرمي يحمل الى الجمار، فان قدر على ان يرمي و الا فارم عنه و هو حاضر «1» 5- خبره الآخر قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): رخص رسول اللّه صلى

اللّه عليه و آله لرعاة الإبل إذا جاؤا بالليل أن يرموا «2» ثم ان مقتضى إطلاق هذه الاخبار عدم الفرق في الليل بين المتقدم و المتأخر كما اعترف به في كشف اللثام.

و لكن في المدارك «و الظاهر ان المراد بالرمي ليلا رمى جمرات كل يوم في ليلته و لو لم يتمكن من ذلك لم يبعد جواز رمي الجميع في ليلة واحدة لأنه أولى من الترك أو التأخر و ربما كان في إطلاق بعض الروايات المتقدمة دلالة عليه» مراده (قدس سره) من بعض الروايات المتقدمة هو الحديث الخامس قال في الجواهر بعد نقل كلام المدارك (قلت هو العمدة و الا فسابقه مجرد اعتبار بل ظاهر النصوص المزبورة ذلك و ان لم يعلم حاله فيما يأتي من الليالي.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 7

(2) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 6

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 87

..........

نفى عنه الخلاف، كما اعترف به في الرياض، بل عن التذكرة و المنتهى الإجماع عليه و يدل عليه جملة من النصوص المروية عنهم عليهم السلام- منها:

1- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قال و قال في رجل رمي الجمار فرمى الأولى بأربع و الأخيرتين بسبع سبع، قال: يعود: فيرمي الأولى بثلاث و قد فرغ و ان كان رمى الاولى بثلاث و رمى الأخيرتين بسبع سبع فليعد فليرمهن جميعا بسبع سبع و ان كان رمى الوسطى بثلاث ثم رمى الأخرى فليرم الوسطى بسبع و ان كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث «1» 2-

صحيحة الآخر عنه (عليه السلام) في رجل رمى الجمرة الأولى بثلاث و الثانية بسبع و الثالثة بسبع؟ قال: يعيد يرمهن جميعا بسبع سبع، قلت:

فان رمى الاولى بأربع و الثانية بثلاث و الثالثة بسبع؟ قال: يرمي الجمرة الأولى بثلاث و الثانية بسبع و يرمى جمرة العقبة بسبع، قلت: فان رمى الجمرة الأولى بأربع و الثانية بأربع و الثالثة بسبع؟ قال: يعيد فيرمي الأولى بثلاث و الثانية بثلاث و لا يعيد الثالثة «2» 3- خبر علي بن أسباط قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): إذا رمى الرجل الجمار أقل من اربع لم يجزيه أعاد عليها و أعاد على ما بعدها و ان كان قد أتم ما بعدها و إذا رمى شيئا منها أربعا بنى عليها و أعاد على ما بعدها ان كان قد أتم رميه «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 88

..........

ينبغي هنا التنبيه على أمور الأول- ان ظاهر الاخبار المتقدمة هو البناء مع الإتيان بالأربع و الاستئناف بدونه فإذا رمى الجمرة الأولى أربعا ثم رمى التي بعدها سبعا فيكفيه ان يكمل النقص الاولى و لا يجب عليه الاستئناف.

و اما إذا رماها أقل من أربع فلا يكفي إكمالها مع اعادة ما بعدها في الجمرة الأولى أو الثانية، و ذلك لفوات الترتيب، فإذا رماها أقل من أربعة (أي ثلاثة فما دون) فعليه الإعادة على الجمرات الثلاث بالترتيب فلا يكفيه إكمال الناقص فقط و إذا رمى الاولى سبعا ثم الثانية ثلاثا ثم الثالثة

سبعا فعليه الاستئناف من الثانية ثم الثالثة سبعا سبعا و لا يجب عليه استئناف الأولى اما إذا رمى الثانية أربعا و الاولى و الثالثة سبعا سبعا يكفيه إتمام الثانية فقط.

و لكن في القواعد و التحرير و المنتهى و محكي السرائر على ما حكى في الجواهر هو الاكتفاء بالإكمال و استئناف اللاحقة و استدل لذلك بالأصل.

و لكن التحقيق: انه لا عبرة بالأصل، لكونه مقطوعا بالأخبار الدّالة على لزوم الاستئناف فيما إذا رماها أقل من أربعة و المعتضدة بفتوى كثير من الفقهاء (قدس اللّه تعالى أسرارهم).

اما دعوى إرادة الإكمال من الإعادة لأن كل رمية لاحقة اعادة للرمي كما ترى.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 89

..........

و لكن يمكن ان يقال انه لو كان نقصه في الجمرة الثالثة (العقبة) أكملها و اكتفى به من دون فرق بين الأربع و غيرها، كما نص عليه صاحب الجواهر (قدس سره) لعدم ترتيب عليه بعدها.

و أما فوات الموالاة غير قادح كما عرفت قال في الجواهر: (لعله لا خلاف فيه الا ما سمعته من ابن بابويه بناء على اعتبار الموالاة الذي لم يجد دليلا بالخصوص بل ظاهر الأدلة خلافه، و كونه المعهود في العمل للعادة لا يقتضي الاعتبار خصوصا بعد ما سمعته من النصوص).

و لكن فيما أفاده صاحب الجواهر (قدس سره) (من انه إذا كان نقصه في الجمرة الثالثة أكمل ذلك النقص فقط و لا يجب عليه الرجوع الى الثانية و الاولى) كلام يأتي في الأمر الثاني.

الثاني- ان المستفاد من الاخبار هو اعتبار الموالاة بالنسبة الى كل من الجمرات الثلاث في أربع حصيات الاولى، لما دل على انه لو رمى جمرة بثلاث حصيات ثم رمى الجمرة المتأخرة عن تلك الجمرة كان عليه اعادة تلك

الحصيات الثلاث أيضا.

و يمكن دعوى كشف ذلك عن مفروغية اشتراط الموالاة في أربع حصيات الأوليات مطلقا، و لذا يمكن ان يقال بعدم الفرق في اعتبارها في ذلك بين الجمرة الاولى و الثانية و جمرة العقبة و ان كان مورد النص هو الجمرة الاولى و الثانية لعدم العبرة بخصوصية المورد فتأمل.

الثالث- ان ظاهر الاخبار المتقدمة عدم الفرق في عدم وجوب الاستيناف إذا أتى بالأربع بين العامد و الجاهل و الناسي، و لا بأس بذكر ما في

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 90

..........

الجواهر هنا لكونه جامعا للأقوال (بل قيل هو ظاهر المتن و النافع و المحكي عن المبسوط و الخلاف و السرائر و الجامع و التحرير و التلخيص و اللمعة، خلافا للفاضل في القواعد و التذكرة و المنتهى و الشهيدين في الدروس و الروضة، و ربما عزى الى الشيخ و الأكثر، و ربما جعل أشهر، فقيدوه بالناسي، بل في الحدائق: نسبة تقييده به و بالجاهل إلى الأصحاب، و ان كنا لم نتحققه في الثاني. نعم، الحقه الشهيدان منهم. بالناسي الى ان قال: و على كل حال فعن الفاضل الاستدلال له بأن الأكثر انما يقوم مفام الكل مع النسيان، ورد: بأنه إعادة للمدعى، و (فيه): ان المراد الإشارة الى ما سمعته في الطواف بمعنى ان الأصل عدم قيام غير ذلك مقامه بالنسبة إلى الترتيب، و لذا استدل له في الروضة بأنه منهي عن رمى اللاحقة قبل إكمال السابقة فيفسد و ان ضعف أيضا بأن المعلوم انما هو النهى عنه قبل الأربع لا مطلقا، و لو سلم فهو اجتهاد في مقابلة إطلاق النص، و لكنه كما ترى، ضرورة: عدم شموله للعامد لندرته فلا ينصرف إليه السؤال المعلق عليه

الجواب. مضافا الى حمل فعل المسلم على الصحة، و الى إطلاق ما دل على وجوب الترتيب المقتضى لفساد اللاحق قبل إتمام السابق المعتضد بما سمعته من فتوى الأصحاب).

تحقيق الكلام في هذه المسألة هو انه قد عرفت دلالة النصوص على صحة رميه فيما لو شرع في رمي الجمرة المتأخرة بعد الفراغ عن أربع حصيات بالنسبة إلى الجمرة السابقة قبل إتمام للسبع.

هذا مما لا كلام فيه انما الكلام في انه هل يختص الحكم بصورة

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 91

..........

النسيان و الجهل أو يشمل صورة العمد.

يمكن دعوى انصراف الأخبار الواردة في المقام عن صورة العمد كما انه قد يدعى انصرافها عن صورة الجهل أيضا.

و لكن فيه أنه قد ذكرنا غير مرة ان الانصراف المعتبر منه فيما إذا كان بمنزلة القيد المذكور في الكلام بحيث لو صرح بخروج المنصرف عنه عن تحت الإطلاق كان توضيحا و تأكيدا و كونه كذلك فيما نحن فيه أول الكلام.

ثم لا يخفى ان الانصراف قد يتحقق في باب التشكيك في الماهية لا في باب ندرة الفرد فندرة صدور ذلك عن عمد لا يفيد في نفي الإطلاق و إثبات الانصراف الحقيقي، فعليه بمقتضى إطلاق الاخبار المتقدمة يقال:

ان الترتيب شرط بالنسبة إلى أربع حصيات الأوليات دون غيرها فبعد تماميتها يجوز اختيارا ان يؤخر رمى الجمرة السابقة عن رمي الجمرة اللاحقة فتأمل.

الرابع- لو فاتته جمرة و لا يعلم انها الاولى أم الثانية أم العقبة فعليه اعادة رمي الجمار الثلاث احتياطا، للعلم الإجمالي و هذا مما لا ينبغي الكلام فيه.

انما الكلام في انه هل يجب عليه ان يعيده مرتبا أولا؟ و الظاهر انه يجب عليه مرتبا من الاولى ثم الثانية ثم العقبة، لأن اشتغال اليقيني يستدعي

الفراغ اليقيني و لا يحصل ذلك الا به إذا مع عدم الترتيب يحتمل البطلان، لاحتمال كون الأولى هي الفائتة فيجب فيه مراعاة الترتيب.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 92

..........

الخامس- لو علم إجمالا انه فاته اربع حصيات من جمرة و لا يعلم انها من الأولى أو الثانية أم العقبة فهل يجب عليه اعادة جميعها أولا؟ و الظاهر ذلك، لأنه بمنزلة فوات الجميع.

و لكن يمكن ان يقال بوجوب إعادة الأخيرة دون الأولتين و ذلك لجريان قاعدة الفراغ بالنسبة إليهما، و أما العلم الإجمالي فينحل بالشك بالنسبة إليهما للعلم التفصيلي ببطلان الأخيرة إما لفقد شرط الموالاة بناء على اعتبارها، و أما من جهة بطلان سابقتها فيحكم ببطلانها لفقده شرط الترتيب.

و لكن التحقيق: عدم جريان قاعدة الفراغ بالنسبة إلى شي ء منها، و ذلك لعدم خروجه من مجموع العمل و هو الرمي حتى يجدى إجرائها فيه للعلم ببطلان الأخيرة منها.

و أما قاعدة التجاوز فلم يثبت اجراؤها في غير اجزاء الصّلاة فعليه يجب عليه ان يعيده على الثلاث تحصيلا للفراغ اليقيني.

السادس- أنه لو فاته دون الأربع من جمرة و لا يعلم انها من الأولى أم الثّانية أم العقبة كرّره على الثّلاث، للاحتياط.

و أما مراعاة الترتيب فلا يجب عليه، لأن الفائت من واحدة.

و أما وجوب الباقي فكان من باب المقدّمة- كوجوب ثلاث فرائض عن واحدة مشتبهة بين صلاة الصبح و الظهر و العصر و المغرب و العشاء و هذا بخلاف مما لو فاته من كل جمرة واحدة و اثنتان أو ثلاث، لانه يجب مراعاة الترتيب فيه لتعدد الفائت المرتب.

و أما إذا رمى أربعا و فاته ثلاثا ثم شك في كونها من واحدة أو أكثر

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 93

و لو

نسي رمى يوم قضاه من الغد مرتبا يبدأ بالفائت و يعقب بالحاضر (1)

فيتعين عليه ان يرمى كل واحد منها ثلاث حصيات مرتبا يبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم العقبة، لقاعدة الاشتغال بالنسبة الى كل واحدة في ثلاث.

(1) اما وجوب قضاء أصل الرمي لو نسيه فمما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل في الجواهر: بلا خلاف أجده بيننا بل الإجماع بقسميه عليه).

و استدل لذلك بصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قال: قلت الرجل ينكس في رمى الجمار فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم العظمى؟ قال: يعود فيرمى الوسطى ثم يرمى جمرة العقبة و ان كان من الغد «1» و حسن معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) قلت: رجل نسي ان يرمى الجمار حتى أتى مكة؟ قال: يرجع فيفصل بين كل رميتين بساعة «2» و نحوهما غيرهما من الاخبار و اما وجوب مراعاة الترتيب فلا ينبغي الإشكال فيه و هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل قد نفى عنه الخلاف بل في المدارك هو مقطوع به في كلام الأصحاب بل عن الخلاف الإجماع عليه فلا كلام لنا فيه من حيث الفتوى انما الكلام فيه من حيث المدرك فنقول انه (تارة): يتكلم فيه بالنسبة إلى اشتراط الترتيب بين الرمي الادائى و القضائي بتقديم الثاني على الأول و (اخرى): بالنسبة إلى اشتراط

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

(2) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 94

..........

الترتيب بين الجمرات الثلاث في انه هل يشترط الترتيب بينها قضاء كما يعتبر أداء أولا فهنا

يقع الكلام في مقامين:

أما الكلام في المقام الأول فنقول: انه قد استدل له بوجوه:

الأول- صحيح عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى الى منى فعرض له عارض فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس؟ قال: يرمى إذا أصبح مرتين (إحداهما) بكرة و هي للأمس و (الأخرى): عند زوال الشمس «1» و رواه الصدوق في الفقيه في الصحيح عن معاوية بن عمار مثله و الشيخ في الصحيح عنه أيضا الا انه قال: (يرمى إذا أصبح مرتين مرة لما فاته و الأخرى ليومه الذي يصبح فيه و ليفرق بينهما يكون إحداهما بكرة و هي للأمس).

و أما اشتمال صحيح ابن سنان على المستحب لا يقدح لإمكان التفكيك في الحجية على ما تقدم في غير واحد من المقامات.

الثاني- تقدمه سببا الموجب ذلك لتقدم مسببه.

و (فيه): انه قد حقق في الأصول ان ذلك صرف استحسان فلا عبرة به.

الثالث- الإجماع. و (فيه): انه يكفي في وهنه صرف احتمال كونه مدركيا فضلا عن العلم، فالعبرة بالمدرك و هو صحيح عبد اللّه بن سنان لا الإجماع، فتدبر.

ينبغي هنا ذكر كلام صاحب الجواهر (قدس سره)

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 1 و 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 95

..........

و هو انه (قدس سره) بعد ان استدل على الترتيب بين الرمي الادائى و القضائي بصحيح عبد اللّه بن سنان المتقدم في صدر المبحث قال: (بل في كشف اللثام الاستدلال عليه بالاخبار و ان كان لم يحضرنا الآن الا ما سمعت بل في الرياض: «لم نجد الأخبار المفيدة لوجوب التقديم لأنها ما بين مطلقة للأمر بالقضاء و بين مصرحة بالتقديم

لكنه مقيد بقيد هو للاستحباب الى ان قال: و ظاهرهم عدم الخلاف في الاستحباب و ان أشعر بوجوده عبارة الدروس حيث جعله أظهر، و هو كذلك جمعا بينه و بين الصحيح المتقدم الآخر بالفصل بينهما بساعة المنافي لما في هذا الصحيح قطعا و الجمع بالحمل على تفاوت مراتب الاستحباب فأدناها ما سبق و أعلاها ما هنا لكن ظاهر الأصحاب الاعراض عن الحديث السابق فيلحق بالشواذ، و يتوجه حينئذ وجوب ما في هذا الصحيح ان لم ينعقد الإجماع على جواز الإتيان بهما في وقت واحد و أن انعقد، كما صرح به بعض الأصحاب حيث قال بعد الحكم بجوازه: بلا خلاف بشرط الترتيب، فالوجه الاستحباب و مما ذكرنا ظهر انه لا مستند لوجوب الترتيب سوى الإجماع» و لكن فيما افاده من عدم دلالة الصحيح المزبور على وجوب تقديم الرمي القضائى على الادائى اشكال واضح.

و اما اشتماله على استحباب القيد فهو لا يضره كما أشرنا إليه عند ذيل ذكر الوجه الأول و ذلك لما عرفت في غير واحد من نظائره من إمكان التفكيك في الحجية و في الجواهر: (يمكن دعوى ظهوره فيه و لو بملاحظة الشهرة و الإجماع).

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 96

..........

و كيف كان فقد ظهر بما ذكرنا ضعف ما ذهب اليه بعض من عدم وجوب تقديم الفائت على الحاضر فلاحظ و تأمل و اللّه الهادي إلى الصواب.

أما الكلام في المقام الثاني فنقول: انه يمكن ان يقال ان دليل الترتيب ورد في خصوص الأداء دون القضاء فوجوب مراعاة الترتيب فيه يحتاج الى دليل تعبدي فإن قام فيحكم بلزوم مراعاته و الا فيتعين الرجوع الى الأصل:

فيقع الكلام حينئذ في ان مقتضاه هو الاحتياط، لرجوع الشك فيه الى

الشك في حصول الامتثال بالمأمور به لو أتى بها بدون الترتيب دون ما أتى بها معه فيتعين عليه ذلك، لان الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، أو يكون مقتضاه هو البراءة لرجوع الشك فيه الى الشك في أصل التكليف لكون الترتيب قيدا زائدا و هو ينفي بالأصل ان لم نقل بأنه مثبت.

تنقيح هذا مبيّن على ان التّقابل بين الإطلاق و التّقييد من تقابل العدم و الملكة أو السلب و الإيجاب أو التقابل بينهما من تقابل التضاد:

فان قلنا بان التّقابل بينهما من قبيل تقابل العدم و الملكة أو السلب و الإيجاب فيجوز له الرجوع الى البراءة عند الشك في لزوم مراعاة الترتيب و أما إذا قلنا بان التقابل بينهما هو تقابل التّضاد فلا يجوز الرجوع إليه، لأن إثبات الإطلاق بالبراءة عن القيد تعويل على أصل المثبت الذي لا نقول به.

و بما انه قد حقّق في الأصول بأن التقابل بين الإطلاق و التقييد هو تقابل العدم و الملكة فيجري البراءة عن القيد و لا يلزم من جريانها محذور

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 97

و يستحب ان يكون ما يرميه لأمسه غدوة و ما يرميه ليومه عند الزوال (1)

و لكن قد يقال انه لا تصل النوبة الى الأصل و هو البراءة و ذلك لدعوى ظهور الأمر بقضاء الأمور المترتبة في زمانه: قضائها كما كانت، إلا إذا قام دليل على الخلاف فلاحظ و تأمل.

(1) ما أفاده المصنف (قدس سره) من استحباب كون رميه لأمسه غدوة و ما يرميه ليومه عند الزوال مما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم).

و لكن في المدارك: (ينبغي إيقاع الفائت بعد طلوع الشمس و ان كان الظاهر جواز الإتيان به قبل طلوعها، لإطلاق

الخبر) مراده منه صحيح عبد اللّه بن سنان المتقدم لقوله (عليه السلام) فيه: (يرمي إذا أصبح مرتين إحداهما بكرة و هي للأمس و الأخرى عند زوال الشمس) و ناقش صاحب الجواهر (قدس سره) في كلام صاحب المدارك بان المراد من قوله: (بكرة) في الخبر: هو طلوع الشمس كما اعترف به في كشف اللثام و محكي السرائر لا طلوع الفجر، و لو لما عرفت من تحديد الرمي بما بين طلوع الشمس الى غروبها الشامل للأداء و القضاء و ان الرمي في غيره لذوي الأعذار، بل عن المنتهى التصريح بمساواة القضاء للأداء في ذلك فلا ريب في ان الأحوط ان لم يكن الأقوى مراعاته و في المسالك في بعض الأخبار دلالة عليه.

لا يخفى ان ظاهر قوله (عليه السلام): (يرمي إذا أصبح مرتين إحداهما بكرة و هي للأمس و الأخرى عند زوال الشمس).

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 98

و لو نسي رمى الجمار حتى دخل مكة رجع و رمى (1)

و ان كان هو الوجوب الا انه ترفع اليد عنه لأجل تسالم الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) على الخلاف. فتدبر

(1) اما وجوب الرجوع من مكة لرمي الجمار في أيام التشريق إذا نسيه مما لا ينبغي الإشكال فيه و هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل قد نفى عنه الخلاف، و استدل له بجملة من النصوص المروية عنهم عليهم السلام- منها:

1- حسن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت رجل نسي (رمى) الجمار حتى اتى مكة؟ قال: يرجع فيرمها يفصل بين كل رميتين بساعة، قلت فاته ذلك و خرج؟ قال: ليس عليه شي ء «1» 2- صحيحة الآخر قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه

السلام) ما تقول في امرأة جهلت ان ترمى الجمار حتى نفرت إلى مكة؟ قال: فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمى و الرجل كذلك «2» 3- صحيحة الآخر ايضا قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل نسي رمى الجمار؟ قال: يرجع فيرميها، قلت: فإنه نسيها حتى اتى مكة؟ قال: يرجع فيرمى متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة، قلت: فإنه نسي أو جهل حتى فإنه و خرج؟ قال: ليس عليه ان يعيد «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(3) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 99

..........

تحقيق الكلام في هذه المسألة يتمّ في ضمن أمور الأول- ان مقتضى قوله (عليه السلام) في الحديث الأول من الأحاديث المتقدمة: (ليس عليه شي ء) في جواب السؤال عما إذا فاته ذلك و خرج هو عدم ثبوت القضاء عليه إذا مضى أيام التشريق كما هو صريح الحديث الثالث لقوله (عليه السلام) فيه: (ليس عليه ان يعيد).

و لكن يعارضهما ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من أغفل رمى الجمار أو بعضها حتى تمضى أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فان لم يحجّ رمى عنه وليّه، فان لم يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمى عنه (و خ) فإنه لا يكون رمي الجمار إلا أيام التشريق «1».

ان قلت: انه ضعيف سندا، لأن في طريقه محمد بن عمر بن يزيد و لم يرد فيه توثيق و لا مدح يعتد به فلا عبرة به.

قلت: نعم لكنه منجبر بعمل الأصحاب

(رضوان اللّه تعالى عليهم) بمضمونه الموجب تكوينا للوثوق بصدوره فلا يصغى إلى المناقشة فيه بضعف السند.

و كيف كان فمقتضى الجمع بينها ان يقال ان الحديث الأول و الثالث لمعاوية بن عمار و ان كانا دالين على نفي القضاء عنه فيما إذا فاته الوقت

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 4.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 100

..........

بمضي أيام التشريق لكنهما مطلقان من حيث عدم القصاء عليه أصلا أو في عامه قبل أيام التشريق و هذا بخلاف رواية عمر بن يزيد، لدلالته على اختصاص رمى الجمار بأيام التشريق فليس عليه القضاء قبلها، بل يقضى بها فيها في العام القابل، فيقيد إطلاقهما بها فيحكم بلزوم القضاء في أيام التشريق في السّنة القادمة.

الثاني- ان صاحب المدارك بعد ان ذكر الحديث الأول و الثالث من الأحاديث المتقدمة في صدر المبحث قال: (و إطلاق هاتين الروايتين يقتضي وجوب الرجوع من مكة و الرمي و ان كان بعد انقضاء أيام التشريق.

و لكن صرح الشيخ و غيره ان الرجوع انما يجب مع بقاء أيام التشريق و مع خروجها تقضى في القابل، لخبر عمر بن يزيد المتقدم و هو المختار و سيأتي تفصيل ذلك عند تعرض المصنف (قدس سره) ذلك.

الثالث- ان قوله السلام: (يرجع فيرمى متفرقا يفصّل بين كل و ميتين بساعة) في حديث الثالث من الأحاديث المتقدمة في صدر المبحث هو وجوب الفصل بساعتين، و لكن ترفع اليد عنه لأجل تسالم الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) على الخلاف.

الرابع- انه لو نسي الرمي و رجع الى أهله لا تحرم عليه النساء و لو تعمد ترك الرمي، و هو المعروف بين الأصحاب (قدّس اللّه تعالى أسرارهم) و قد نفى

عنه الخلاف، الا عن أبي على، و يشهد له خبر عبد اللّه بن جبلة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انه قال: من ترك رمى الجمار متعمّدا لم تحلّ له النّساء و عليه الحجّ من قابل «1».

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 4 من أبواب العود إلى منى الحديث 5.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 101

فان خرج من مكة لم يكن عليه شي ء إذا انقضى زمان الرمي (1)

و لكن لا يخفى ما فيه من المناقشة و الاشكال:

أما أولا- فلكونه ضعيفا سندا فلا يصار اليه، لعدم العبرة به.

و اما ثانيا- فلذهاب المشهور الى خلافه الموجب لخروجه عن حيّز دليل الاعتبار، و لذا حمله غير واحد على الندب.

و اما ثالثا- فلمعارضته بما دل على حلية النساء بطواف النساء.

و اما رابعا- فلدلالته على وجوب الحجّ عليه من قابل و لا يمكن الالتزام به و لكن قيل يحتمل ان يكون إيجاب الحج عليه من قابل لقضاء الرمي فيه فيكون بمعنى ما في خبر عمر بن يزيد «1» من ان عليه الرمي من قابل ان اراده بنفسه و إذا جاء بنفسه فلا بد من ان يحرم بحج أو عمرة) و كيف كان فلا عبرة بهذا الخبر، لما عرفته.

الخامس- انه هل تثبت الكفارة في مفروض المسألة أولا؟ و الظاهر عدم ثبوتها، للأصل.

و اما ما حكى عن بعض من ثبوت الهدى عليه فلا دليل عليه.

(1) كما هو المعروف بين الأصحاب و يدل عليه الاخبار الدالة على انه ان فاته فليس عليه شي ء المحمولة على صورة خروج الوقت بانقضاء أيام التشريق، لخبر عمر بن يزيد المتقدم لقوله (عليه السلام) فيه: (من أغفل رمي الجمار أو بعضها حي تمضي أيام التّشريق فعليه ان يرميها من

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 4.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 102

فان عاد في القابل رمى و ان استناب فيه جاز (1)

قابل. «1».

و اما ضعفه من حيث السند فقد ذكرنا انه منجبر بالعمل.

(1) قال في الجواهر: (استظهر في المدارك ان العود في القابل لقضاء الرمي أو الاستنابة على الاستحباب كما صرح به في النافع قال (و لو حج في القابل استحب له القضاء و لو استناب جاز) و مال اليه صاحب المدارك (للأصل بعد ضعف الخبر المزبور المعارض بنفي الشي ء و الإعادة في الصحيحين «2» السابقين الشامل للقضاء).

و لكن لا يخفى ما فيه من المناقشة و الاشكال.

أما في الأصل فلانقطاعه بخبر عمر بن يزيد المتقدم الدال على وجوب قضاء الرمي في العام القابل.

و أما فيما افاده من ضعف الخبر فقد عرفت انجباره بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) به على ما أشرنا الى ذلك عند ذكره في الأمر الأول من الأمور الثلاثة المتقدمة و لم يصرح أحد بالاستحباب غير المصنف في النافع و الفاضل في محكي التبصرة على ما حكى عنهم.

و أما غيرهم فبين مصرح بالوجوب كالشيخ في التهذيبين و الخلاف، و الشهيدين في الدروس و المسالك و الروضة، و باللزوم كالحلبي، و آمر به كالشيخ في النهاية و الحلي في السرائر و الفاضل في التحرير و القواعد و ابن

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 4.

(2) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب العود إلى منى الحديث 2 و 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 103

و يجوز ان يرمي عن المعذور كالمريض (1)

زهرة في الفنية مدعيا عليه الإجماع و ان كان

فيه ان المحكي عن الخلاف في كشف اللثام نه قال: (ان فاته دون اربع حصيات حتى مضت أيام التشريق فلا شي ء عليه و ان أتى به في القابل كان أحوط) و على كل حال ما عرفته يكفي في القول بانجبار سند الخبر المتقدم.

و أما كلام المصنف هنا فلا ظهور فيه في الاستحباب بل قوله:

(رمى) ظاهر في الوجوب كما في المسالك بل فيها قوله: (و ان استناب فيه جاز) وجوبه ايضا على إجمال فيه الى ان قال: (و الأقوى وجوب القضاء في القابل في أيامه لكن إذا اتفق حضوره وجبت عليه المباشرة و إلا جازت الاستنابة و ان أمكن العود) و الظاهر ان مراد المصنف ذلك و لكن العبارة مجملة و نفي الشي ء بفوات زمانه يحتمل ارادة غير القضاء) (تذييل): و هو انه لا ينافي القول بوجوب قضاء الرمي عليه في العام القابل ما تضمن من الاخبار على انه (ان فاته و خرج ليس عليه شي ء).

اما أولا فلا مكان حمله على نفي الرجوع إليه في تلك العام.

و اما ثانيا فلما عرفت من تقييد إطلاقها بخبر عمر بن يزيد المتقدم و كيف كان فيما ذكرنا ظهر ضعف القول بالندب المحكي عن المختصر النافع و التبصرة.

(1) اما جواز الرمي عن المعذور كالمريض و نحوه مما لا يستطيع الرمي بنفسه في وقت الرمي فمما لا ينبغي الإشكال فيه، و قد ادعى الإجماع

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 104

..........

بقسميه عليه، و يدل عليه جملة من النصوص المروية عنهم (عليهم السلام)- منها:

1- ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: الكسير و المبطون يرمي عنهما قال: و الصبيان يرمي عنهم «1» 2- موثقة إسحاق بن

عمار، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن المريض ترمي عنه الجمار؟ قال: نعم يحمل إلى الجمرة و يرمي عنه «2» 3- خبره الآخر انه سأل أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن المريض ترمي عنه الجمار؟ قال: نعم يحمل إلى الجمرة و يرمى عنه، قلت:

لا يطيق (ذلك)؟ قال: يترك في منزله و يرمي عنه «3».

4- عن رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن رجل أغمي عليه؟ فقال: يرمى عنه الجمار «4».

5- ما رواه يحيى بن سعيد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

سألته عن امرأة سقطت عن المحمل فانكسرت و لم نقدر على رمي الجمار؟

فقال: يرمى عنها و عن المبطون «5» الى غير ذلك من الاخبار المروية عنهم (عليهم السلام).

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 3.

(2) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 4.

(3) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 2.

(4) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 5.

(5) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث 7.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 105

..........

ينبغي هنا التّنبيه على أمور 1- ان مقتضى إطلاق الاخبار المتقدمة عدم الفرق في جواز الرّمي عن المعذور بين ما إذا كان مأيوسا من برئه أو لم يكن كذلك.

2- يقع الكلام في انه هل يجزيه رمي النائب حتى فيما ارتفع عذره في الوقت أولا؟ مقتضى قاعدة الإجزاء ذلك، و عن المنتهى و التحرير القطع به، و قرّبه في محكي التذكرة، لإطلاق الأخبار الظاهر في الاجزاء، لكنه مشكل كما عن بعض، بل لعلّه ظاهر القواعد.

أما أولا-

فلعدم ثبوت البدار لذوي الاعذار و اما ثانيا- فلما ذكرناه غير مرّة من ان الموضوع هو صرف الوجود من الوقت لصرف الوجود من العمل و هو المأمور به لا مطلق الوجود، و المفروض انه باق فيحكم بوجوب الرّمي عليه بعد ارتفاع عذره في الوقت فتدبر.

3- ان مقتضى إطلاق النصوص و الفتاوى عدم بطلان النيابة هنا بإغماء المنوب عنه، مضافا الى الأصل فما ذهب إليه بعض من البطلان قياسا على الوكالة واضح المنع، بل عن المدارك منع ثبوت الحكم في الأصل ان لم يكن إجماعا على وجه لا تجوز مخالفته، لانتفاء الدليل عليه.

و كيف كان فالعمدة عدم توقف النيابة هنا على الاذن، لان مقتضى إطلاق الاخبار هو جواز النيابة فيه و ان لم يكن باذنه، خلافا لما عن المبسوط من انه لا بد من اذنه إذا كان عقله ثابتا، بل ينبغي القطع بعدم

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 106

..........

اعتبار اذن المنوب عنه مع فرض عدم قابليته لذلك بإغماء و نحوه و في صحيح رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن رجل أغمي عليه؟ فقال: يرمي عنه الجمار «1».

4- انه قد يقوى في النظر اجزاء التبرع عنه من دون الاستنابة منه و ان وجبت مع قابليته لها للخروج عن عهدة التكليف بالرمي، بل ينبغي القطع به في مثل المغمى عليه، لصحيحة رفاعة المتقدمة و صحيح حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: المريض المغلوب و المغمى عليه يرمى عنه و يطاف به «2» و صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في المرأة المريضة التي لا تعقل انه يرمى عنها «3».

5- قد ذهب بعض الى ان الأولى

للولي أن يباشر العمل بعنوان المريض، و استدل له بأن بولايته عليه اولى من غيره و في محكي الدروس:

(لو أغمي عليه قبل الاستنابة و خيف فوات الرمي فالأقرب رمي الولي عنه فان تعذر فبعض المؤمنين) كما انه قد ذهب الى ان الاولى حمله الى الجمار مع الإمكان و وضع الحصاة في يده و الرمي بيد المنوب عنه، و حكي عن التذكرة استحباب ذلك هذا مع الإمكان و الا رمى بها و هي في يده و الا أخذها منه و رماها كما عن المبسوط و غيره.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 5.

(2) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 9.

(3) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 11.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 107

و يستحب ان يقيم الإنسان بمنى أيام التشريق (1)

(1) اما استحباب المقام بمنى أيام التشريق بعد انقضاء زمن الرمي فمما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل قد نفى عنه الخلاف.

و استدل لذلك بعدة اخبار- منها:

1- صحيح العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الزيارة بعد زيارة الحج في أيام التشريق؟ فقال: لا «1».

2- خبر ليث المرادي انه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف بالبيت تطوّعا؟

فقال: المقام بمنى أحب الى «2» و رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن ليث المرادي مثله، محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن أبي فضال عن المفضل ابن صالح عن ليث المرادي

مثله الا انه قال: (أفضل و أحبّ إليّ):

ينبغي هنا الإشارة إلى أمور 1- انه لا ينافي ما تقدم صحيح جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لا بأس ان يأتي الرّجل مكة فيطوف بها في أيام منى و لا يبيت بها «3» و صحيح رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 6.

(2) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 5.

(3) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 1.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 108

..........

عن الرجل يزور البيت في أيام التشريق؟ قال: نعم ان شاء «1» لدلالته على الجواز الذي لا ينافي الاستحباب.

2- ان قوله (عليه السلام): (لا) في صحيح العيص بن القاسم و ان كان ظاهرا في عدم جواز الزيارة بعد زيارة الحج في أيام التشريق الا انه ترفع اليد بنص الأخبار المتقدمة الدالة على الجواز ان يبقى في مكة إلى الليل لما ذكرناه غير مرة ان حكومة النص على الظاهر من اجلى الحكومات فيراد منه الكراهة و لكن لا بمعناها المصطلح بل بمعنى ان البقاء في منى أحس له من الذهاب إلى مكة لزيارة البيت بقرينة قوله عليه السلام: (المقام بمنى أحب الى) في خبر ليث المتقدم خصوصا بملاحظة صحيح شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن زيارة البيت أيام التشريق؟ فقال حسن «2» فتأمل.

4- أما الكلام فيما افاده المصنف (قدس سره) من استحباب إقامة الإنسان بمنى في أيام التشريق مع انك قد عرفت في صدر المبحث وجوب الإقامة بمني ليلا و كذلك وجوب الإقامة بها في النهار في

زمان الرمي و هو من جملة الأيام فاستحباب الإقامة في الأيام اما محمول على ما زاد على زمن الرمي الذي يكون واجبا- كما أفاده صاحب الجواهر و الشهيد الثاني بتقدير المضاف أي بقية أيام التشريق أو بالحمل على إطلاق اسم الجزء على الكل فإن الإقامة في باقي الأجزاء مستحبة أو يكون الاستحباب متعلقا بالمجموع من حيث هو مجموع فلا ينافي وجوب بعض اجزاء المجموع المغايرة له من

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 109

و ان يرمى الجمرة الاولى من يمينه (1)

تلك الحيثية و في المسالك: (و يمكن إخراج الليالي من رأس بحمل الأيام على النهار فان في شمولها الليالي بحثا بل ظاهر اللغة عدمه) و لكن صاحب الجواهر (قدس سره) ادعى ظهور ارادة النهار من الأيام هنا حتى على القول بشمولها الليالي الا ان يكون على أحد الوجوه السابقة ايضا.

(1) اما استحباب رمى الجمرة الأولى التي هي أبعد الجمرات من مكة عن يمين الرامي و يسار الجمرة مما هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه تعالى أسرارهم).

و يدل عليه ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قال: و ابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها من بطن المسبل. إلخ «1» إذا المراد من يسارها جانبها اليسار بالإضافة إلى المتوجه إلى القبلة فيجعلها حينئذ عن يمينه فيكون ببطن المسيل لأنها عن يسارها و يرميها منه كما افاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه).

و الى ما ذكر يرجع قول الامام الرضا عليه السلام (في حديث):

(ترمى الجمار من بطن الوادي و تجعل

كل جمرة عن يمينك ثم تنفتل في الشق الآخر إذا رميت جمرة العقبة) «2»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب رمى جمرة العقبة الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 110

و يقف و يدعوا و كذا الثانية و يرمى الثالثة مستدبر القبلة مقابلا لها و لا يقف عندها (1) و التكبير بمنى مستحب (2)

(1) لا ينبغي الكلام فيه و يدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: ارم في كل يوم عند زوال الشمس، و قل كما قلت حين رميت جمرة العقبة و ابدأ بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها من بطن المسيل، و قل كما قلت يوم النحر، ثم قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة و احمد اللّه، و اثن عليه، و صلّ على النّبي و آله، ثم تقدم قليلا فتدعو، و تسأله أن يتقبل منك، ثم تقدم ايضا، ثم افعل ذلك عند الثالثة و اصنع كما صنعت بالأولى و تقف و تدعوا اللّه كما دعوت، ثم تمضي إلى الثالثة و عليك السكينة و الوقار فارم و لا تقف عندها «1»

(2) اما استحباب التكبير بمنى فهو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم)، و يدل عليه صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: سألته عن التكبير أيام التشريق أ واجب أو لا؟ قال:

مستحّب و ان نسي فلا شي ء عليه «2».

و أما ما يكون ظاهره الوجوب فترفع اليد عنه للصحيح المزبور الذي نص فيه على استحبابه حملا للظّاهر على النصّ، فيراد الاستحباب من

______________________________

(1) ذكر صدره في الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب رمى

جمرة العقبة الحديث 1 و ذيله في الباب 10 منها الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 10

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 111

و قيل واجب (1)

الأمر بالتكبير و بالذكر في أيام معدودات في القرآن المجيد «1» بناء على ان المراد بها منى كما يدل على ذلك صحيح محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عز و جل (وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ)؟ قال: التكبير في أيام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث و في الأمصار عشرة صلوات فإذا نفر الناس النفر الأول أمسك أهل الأمصار و من أقام بمنى فصل الظهر و العصر فليكبر «2» و صحيح منصور بن حازم عنه (عليه السلام) أيضا في قول اللّه عز و جل (وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ)؟ قال: هي أيام التشريق كانوا إذا أقاموا بمنى بعد النحر تفاخروا، فقال الرجل منهم: كان أبي يفعل كذا و كذا فقال اللّه عز و جل (فَإِذٰا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفٰاتٍ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ.

كَذِكْرِكُمْ آبٰاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.) «3».

(1) و القائل المرتضى و ابن حمزة و يمكن الاستدلال لوجوب التكبير في منى بوجهين:

الأول الإجماع و فيه مالا يخفى من الإشكال أما أولا فلمنعه للشهرة المتحققة على خلافه

______________________________

(1) سورة البقرة الآية 199

(2) الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 1 و الباب 8 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

(3) الوسائل الباب 21 من صلاة العيد الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 112

و صورته اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر اللّه أكبر على ما هدانا و الحمد

للّه على ما أولانا و رزقنا من بهيمة الانعام (1)

و اما ثانيا فلما ذكرنا في غير واحد من المقامات بان المعتبر منه هو التعبدي لا المدركى و في المقام يحتمل ان يكون مدركه الأمر بالتكبير و بالذكر في أيام معدودات في الكتاب العزيز فالعبرة به لا بالإجماع.

الثاني- الأمر بالتكبير و بالذكر في أيام معدودات في القرآن الكريم و الظاهر منه على ما حقق في محله هو الوجوب.

و لكن لا يخفى ان ظاهر إطلاق الأمر و ان كان بداعي الجد انه ترفع اليد عنه لصحيح علي بن جعفر عنه أخيه موسى عليهما السلام قال:

سألته عن التكبير أيام التشريق أ واجب أو لا؟ قال: مستحب و ان نسي فلا شي ء عليه «1» فيراد منه الاستحباب كما ذكرناه في صدر المبحث

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه تعالى أسرارهم) و لكن يخالف ذلك ما ورد في ذيل صحيح منصور بن حازم قال:

و التكبير: اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه، و اللّه أكبر، اللّه أكبر، و للّه الحمد اللّه أكبر على ما هدانا، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام «2» و ما ورد في صحيح معاوية بن عمار انما يكون مثل ما ورد في صحيح منصور بن حازم الا انه في آخره (و الحمد للّه على ما أبلانا «3» و في خبر علي بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 10.

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 3

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 113

و يجوز النفر في الأول و هو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة لمن اجتنب النساء

و الصيد في إحرامه (1)

جعفر عليه السلام «1» إسقاط التحميد الأخير في صحيح معاوية مع إسقاط التكبير الثاني بعد التهليل و في خبره الأخر «2» غير ذلك و في المرسل في خطبة علي عليه السلام صورة أخرى قال: (خطب أمير المؤمنين عليه السلام في الأضحى فقال: اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر اللّه أكبر و للّه الحمد اللّه أكبر على ما هدانا و له الشكر فيما أبلانا و الحمد للّه على ما رزقنا من بهيمة الأنعام «3».

قال في الجواهر: (و لعل هذا الاختلاف يومي الى الاستحباب بل في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام سألته عن التكبير بعد كل صلاة؟ فقال: كم شئت انه ليس شي ء موقت) «4» و كيف كان فلا تنافي بين الأخبار لكون ما فيها من قبيل تعدد المطلوب لا وحدة المطلوب.

نعم إذا قام دليل على كونه من وحدة المطلوب فيتحقق ذلك إلا انه لم يثبت.

و اما استحباب التكبير فقد عرفت وجهه.

(1) كما هو المشهور بل ادعى عليه الإجماع بقسميه، بل في محكي المنتهى نسبته الى العلماء كافة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 15

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 11

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة العيد الحديث 5

(4) الوسائل الباب 24 من أبواب صلاة العيد الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 114

..........

و استدل لذلك بأمور الأول- الإجماع، و فيه: ما لا يخفى لعدم كونه من الإجماع التعبدي الموجب للقطع بالحكم فلا عبرة به.

الثاني- قوله تعالى (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقىٰ) «1» بناء على كون المراد منه اتقاء الصيد

و النساء كما في النافع و محكي النهاية و المبسوط و الوسيلة و المهذب على ما في الجواهر.

الثالث- الاخبار- منها:

1- خبر حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قول اللّه عز و جل (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ) لمن اتقى الصيد يعني في إحرامه فإن أصابه لم يكن له ان ينفر في النفر الأول «2» 2- خبر الآخر عنه (عليه السلام) قال: إذا أصاب المحرم الصيد فليس له ان ينفر في النفر الأول، و من نفر في النفر الأول فليس له ان يصيب الصيد حتى ينفر الناس و هو قول اللّه عز و جل (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ. لِمَنِ اتَّقىٰ)؟ فقال: اتقى الصيد «3» 3- خبر جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث)

______________________________

(1) سورة البقرة الآية 199

(2) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 115

..........

قال: و من أصاب الصيد فليس له ان ينفر في النفر الأول «1» 4- خبر محمد بن المستنير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من أتى النساء في إحرامه لم يكن له ان ينفر في النفر الأول «2» و به يقيد إطلاق غيره مضافا الى الإجماع.

ينبغي هنا ذكر أمور الأول- ان ظاهر قوله (عليه السلام) في خبر محمد بن المستنير (من أتى النساء في إحرامه.) هو اختصاص الحكم بالوطي و أما إلحاق باقي المحرمات المتعلقة بها- كالتقبيل و اللمس و العقد و الشهادة- فهو مورد للكلام و الخلاف و عن المدارك: «و فيه وجهان» و عن

المسالك: «و فيه نظر».

لكن مقتضى الاقتصار على المتيقن في الخروج عن عموم جواز النفر الأول هو اختصاص الحكم بالوطي دون غيره فتأمل.

الثاني- ان مقتضى قوله عليه السلام في حديث جميل: (فإن أصاب الصيد لم يكن له ان ينفر في النّفر الأول) و نحوه في الحديث الأول و الثاني من الأحاديث المتقدمة هو اختصاص الحكم بالاصطياد، لظهور قوله (عليه السلام) (فإن أصابه) في الاصطياد دون سائر ما يحرم من الصّيد من الدلالة عليه و غيرها.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 8

(2) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 116

و النفر الثاني و هو اليوم الثالث عشر (1) فمن نفر في الأول لم يجز الا بعد الزوال (2)

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) قديما و حديثا و قد نفى عنه الخلاف.

(2) و استدل لذلك بعدة اخبار- منها:

1- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك ان تنفر حتى نزول الشمس، و ان تأخرت إلى آخر أيام التشريق و هو يوم النفر الأخير فلا شي ء عليك أي ساعة نفرت قبل الزوال أو بعده «1» 2- صحيح الحلبي انه سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل ينفر في النفر الأول قبل ان تزول الشمس؟ فقال: لا و لكن يخرج ثقله إنشاء و لا يخرج هو حتى تزول الشمس «2» 3- صحيح أبي أيوب قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): انّا نريد ان نتعجل السير و كانت ليلة النفر حين سألته فأي ساعة تنفر؟ فقال:

لي أما اليوم

الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس و كانت ليلة النفر، و اما اليوم الثالث فإذا ابيضت الشمس فانفر على كتاب اللّٰه فان اللّٰه عز و جل يقول «3»: (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ.

إلخ «4»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

(2) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 6

(3) سورة البقرة الآية 199

(4) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 117

و في الثاني يجوز قبله (1)

و أما خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا بأس ان ينفر الرجل في النفر الأول قبل الزوال «1» فقد حمله الشيخ قدس سره على صورة الضرورة و كيف كان فهذا الخبر لا عبرة به، لكونه ضعيفا سندا.

مضافا الى ان أعراض الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) عنه مانع من البناء عليه، فتأمل.

(1) اما جواز النّفر قبل الزّوال في النّفر الثّاني فهو ايضا مما هو المعروف بين الأصحاب (قدّس اللّه تعالى أسرارهم) بل قد نفى عنه الخلاف كما في محكي المنتهى، و غيره، بل ادعى عليه الإجماع كما في محكيّ التّذكرة و الغنية مع انه في الأخير لا يجوز الرمي إلّا بعد الزّوال كالمحكي عن الإصباح فيعلم من ذلك كلّه كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه) اتفاق الجميع هنا على القول المزبور.

مضافا الى صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه- (عليه السلام)- على ما رواه الصّدوق و الشّيخ (قدّس سرّهما): (و ان تأخرت إلى آخر أيام التشريق و هو النفر الأخير فلا عليك أي ساعة نفرت و رميت قبل الزوال أو

بعده «2» و في المرسل: (و من أخر النّفر الى اليوم الثالث فله ان ينفر من أول النهار الى آخره متى شاء بعد ان يصلى الفجر و يرمى الجمار «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 11

(2) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

(3) المستدرك ج 2 الباب 9 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 118

..........

(تذييل) و هو انه هل يختص الحكم بالإمام أولا؟ ظاهر المصنف (قدس سره) و غيره عدم الفرق في ذلك بين الامام و غيره.

لكن عن التهذيب و النهاية و المبسوط و المهذب و السرائر و الفنية و الإصباح انه يجوز يوم النفر الثاني المقام الى الزوال و بعده إلا للإمام خاصة فعليه ان يصلي الظهر بمكة و قال في الجواهر: (لعلهم يريدون الندب كما محكي التحرير و التذكرة): و استدل لذلك بحديث حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يصلى الامام الظّهر يوم النّفر بمكة «1» لا يخفى: انه و ان كان ظاهرا في الوجوب الا انه ترفع اليد عنه لأجل خبر أيّوب بن نوح قال: كتبت اليه ان أصحابنا قد اختلفوا علينا: فقال بعضهم: ان النّفر يوم الأخير بعد الزّوال أفضل، و قال بعضهم قبل الزّوال، فكتب أما علمت ان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) صلّى الظهر و العصر بمكة فلا يكون ذلك إلا و قد نفر قبل الزّوال «2» (إيقاظ) و هو ان ظاهر قوله (عليه السلام): (أما علمت ان رسول اللّه صلّى الظهر و العصر بمكّة فلا يكون ذلك الّا و قد نفر قبل

______________________________

(1) الوسائل ج

2 الباب 12 من أبواب العود إلى منى الحديث 1.

و كذلك في الكافي في الجزء الرابع في الصفحة 520 الطبعة الحديثة.

و لكن الشيخ رواه عن الكليني بالإسناد عن معاوية بن عمار بدل (حماد عن الحلبي) في التهذيب في الجزء الخامس في الصفحة 273 الرقم 934 و ذكره صاحب الجواهر عنه.

(2) الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 119

و يستحب للإمام أن يخطب و يعلم الناس ذلك (1) و من كان قضى مناسكه بمكة جاز ان ينصرف حيث شاء (2)

الزوال) هو استحباب النّفر قبل الزّوال لغير الإمام أيضا.

(تذييل): و هو انه يسقط الرّمي في اليوم الثّالث عمن نفر في النّفر الأول، و هو المعروف بين الفقهاء (قدّس سرّهم) بل في محكي المنتهى نفى الخلاف عنه، لكن حكم باستحباب دفن الحصى المختصّة بذلك اليوم فيها و لكن لم نجد دليلا على ذلك.

نعم في الدعائم عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) انه قال: (من تعجل النفر في يومين ترك ما يبقى عنده من الجمار بمني) «1» و لكن لا دلالة فيه على الدّفن بعد الغض عمّا ما فيه من حيث السّند فتدبر.

(1) أما استحباب الخطبة و اعلام الناس بالنّفر الأول و الثاني فمما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم).

و في الدروس و غيرها: (و ينبغي أن يعلمهم ايضا كيفية النفر و التوديع و يحثهم على طاعة اللّه تعالى و على ان يختموا حجهم بالاستقامة و الثبات على طاعة اللّه تعالى و ان يكون بعد الحج خيرا منهم قبله و ان يذكروا ما عاهدوا اللّه عليه من خير) و قد نفى عن ذلك كله البأس صاحب الجواهر

(قدّس سرّه)

(2) ما أفاده المصنف (قدّس سرّه) من جواز انصراف الحاج إذا قضى مناسكه بمكة بعد فراغه من المناسك في منى حيث شاء مما هو المعروف بين الأصحاب بل في الجواهر: (بلا خلاف و لا اشكال بل الظاهر الإجماع

______________________________

(1) المستدرك ج 10 الباب 7 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 120

و من بقي عليه شي ء من المناسك عاد وجوبا (1)

[مسائل]
[الاولى من أحدث ما يوجب حدا أو تعزيرا أو قصاصا و لجأ إلى الحرم]

(مسائل) الاولى من أحدث ما يوجب حدا أو تعزيرا أو قصاصا و لجأ إلى الحرم ضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يخرج (2)

عليه و استدل لذلك بخبر الحسين بن علي السري قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): اما يرى في المقام بمنى بعد ما ينفر الناس؟ فقال: إذا كان قد قضى نسكه فليقم ما شاء و ليذهب حيث شاء «1» و خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: كان أبي يقول: أو كان لي طريق إلى منزلي من منى ما دخلت مكة «2»

(1) وجوب العود على من بقي عليه شي ء من المناسك- كالطواف و نحوه- لتداركه مما لا ينبغي الارتياب فيه.

(2) هذا هو المعروف بين الأصحاب (قدس اللّه تعالى أسرارهم).

بل قد نفى عنه الخلاف، و ادعى عليه الإجماع بقسميه، و يدل عليه جملة من النصوص المروية عنهم عليهم السلام- منها:

1- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل في الحرم فقال: لا يقتل و لا يطعم و لا يسقى و لا يبايع و لا يؤوى حتى يخرج من

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 13 من

أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 121

..........

الحرم فيقام عليه الحد. إلخ «1» 2- حسن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عز و جل (وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً) «2» قال: إذا أحدث العبد جناية في غير الحرم ثم فر الى الحرم لم يسع لأحد ان يأخذه في الحرم، و لكن يمنع من السوق، و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلم، فإنه إذا فعل ذلك به يوشك ان يخرج فيؤخذ. «3»

3- خبر علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن قول اللّه عز و جل (وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً) قال: ان سرق سارق بغير مكة، أو منى جناية على نفس، ففر إلى مكّة، لم يؤخذ ما دام في الحرم حتى يخرج منه، و لكن يمنع من السوق فلا يبايع، و لا يجالس حتى يخرج منه، فيؤخذ، و إذا أحدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه «4» (تذييل) ان المراد من قول المصنف (ضيق عليه في المطعم و المشرب) هو انه لا يمكن من ماله بان يطعم و يسقى مالا يحتمله مثله عادة أو ما يسد به الرّمق كما عن بعض.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(2) سورة آل عمران الآية 91

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 122

و لو أحدث في الحرم قوبل بما يقتضيه جنايته فيه (1)

و لكن ظاهر قوله (عليه

السلام) في الأحاديث المتقدمة (لا يطعم و لا يسقى) خلافه، و النصوص المتقدمة لم تكن مشتملة على التضييق المذكور اللهم إلا ان يقال بإرادته منها لبعض العمومات و لو بمعونة الفتاوى فتأمل.

(1) لذيل صحيح معاوية بن عمار المتقدم (قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال: يقام عليه الحد في الحرم صاغرا لانه لم ير للحرم حرمة «1» و قد قال اللّه تعالى (فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) «2» فقال: هذا في الحرم و قال (فَلٰا عُدْوٰانَ إِلّٰا عَلَى الظّٰالِمِينَ) «3» و قوله (عليه السلام) في حسن الحلبي: (و إذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه عليه الحد في الحرم، لانه لم ير للحرم حرمة «4» و قوله (عليه السلام) في ذيل خبر علي بن أبي حمزة (و إذا أحدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه) «5»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(2) سورة البقرة الآية 190

(3) سورة البقرة الآية 189

(4) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

(5) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 123

[الثانية: يكره أن يمنع أحد من سكنى دور مكة]

الثانية: يكره أن يمنع أحد من سكنى دور مكة (1)

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) و استدل لذلك بجملة من النصوص- منها:

1- خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال:

و ليس ينبغي لأهل مكة ان يمنعوا الحاج شيئا من الدور ينزلونها «1» 2- صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

ليس ينبغي لأهل مكة ان يجعلوا على دورهم أبوابا و ذلك ان الحاج ينزلون معهم

في ساحة الدار حتى يقضوا حجهم «2» 3- صحيح الحلبي المروي في العلل بعد أن سأله عن قول اللّه عز و جل (سَوٰاءً الْعٰاكِفُ فِيهِ وَ الْبٰادِ) قال: لم يكن ينبغي ان يوضع على دور مكة أبواب، لأن للحاج ان ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم و ان أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية. «3»

4- خبر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام) انه نهى أهل مكة ان يؤاجروا دورهم و ان يعلقوا عليها أبوابا و قال:

سواء العاكف فيه و الباد. «4»

5- حسن الحسين بن أبى العلاء قال: ذكر أبو عبد اللّه (عليه السلام) هذه الآية: (سواء العاكف فيه و الباد) قال: كانت مكة ليس على شي ء منها باب و كان أول من علق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان، و ليس لأحد ان يمنع الحاج شيئا من الدور منازلها «5»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 32 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 8

(2) الوسائل ج 2 الباب 32 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 5

(3) الوسائل ج 2 الباب 32 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3

(4) الوسائل ج 2 الباب 32 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 6

(5) الوسائل ج 2 الباب 32 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 124

و قيل يحرم (1)

(1) و القائل الشيخ (قدس سره) فيما حكى عنه و استدل لهذا القول بأن مكة كلها مسجد لقوله تعالى (سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) «1» و كان الإسراء به من دار أم هاني و لكن لا يخفى ما فيه أما أولا- فلمنافاته للإجماع بقسميه على

عدم كونها مسجدا.

و أما ثانيا فلمنع كونه في الدار المزبورة.

مضافا الى انه يمكن القول بكون الإسراء به منها الى المسجد الحرام ثم منه الى المسجد الأقصى كما افاده صاحب الجواهر (قدس سره) ثم انه يمكن الاستدلال لهذا القول بوجهين:

الأول- الإجماع كما هو المحكي عن ابن إدريس و (و فيه): ما لا يخفى أما أولا- فلعدم ثبوته للشهرة على خلافه.

و أما ثانيا- فقد ذكرنا غير مرّة ان الإجماع المعتبر هو التعبدي لا المدركى و في المقام يكفي في مناقشته صرف احتمال كونه مدركيا فضلا عن العلم به فلا عبرة به و العبرة بالمدرك ان تم.

الثاني- الاخبار كما هو المحكي عنه ايضا و قال: (ان الاخبار و ان لم تكن متواترة الا انها متلقاة بالقبول) و (فيه): ان الاخبار لا تدل على الحرمة و أما ما تكون ظاهرة فيها فيتعين رفع اليد عنه، لما تكون نصا

______________________________

(1) سورة الإسراء الآية 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 125

و الأول أصح (1)

في عدم الحرمة، لقاعدة حكومة النصّ على الظّاهر.

و قال صاحب الجواهر الاولى: الاستدلال بظاهر قوله تعالى (سَوٰاءً الْعٰاكِفُ فِيهِ وَ الْبٰادِ) «1» بما تسمعه من النصوص المفسرة له بذلك الى ان يقول في آخر المبحث: (ان شهرة الأصحاب و التعبير بلفظ: «لا ينبغي» و نحوه رجّح الكراهة.

(1) ما افاده المصنّف (قدّس سرّه) من كراهة منع الحاج و المعتمر من سكنى دور مكة مما لا ينبغي الإشكال فيه، لما عرفت من الاخبار الدالة على ذلك في صدر المبحث.

انما الكلام في جواز أخذ الأجرة و عدمه، فذهب أبو علي الى حرمة ذلك، و لعله لما رواه عبد اللّه بن جعفر الحميري في (قرب الاسناد) عن الحسين بن ظريف عن الحسين

بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام) انه نهى أهل مكة ان يؤاجروا دورهم و ان يعلّقوا عليها أبوابا. «2» و لكن هذا الخبر ضعيف سندا فلا عبرة به.

و اما انجبار ضعفه بعمل الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) فلم يثبت و قد حمله صاحب الجواهر (قدس سره) على الكراهة.

و يمكن أن يكون وجه ذلك هو ان الكراهة مما يتسامح فيها.

و لكن قد ذكرنا غير مرّة ان قاعدة التّسامح على فرض فرض تماميّتها

______________________________

(1) سورة الحج الآية 25

(2) الوسائل ج 2 الباب 32 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 6

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 126

[الثالثة: يحرم أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة]

الثالثة: يحرم أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة (1) و قيل يكره و هو الأشبه (2)

فهي تختص بالمستحبات و لا يمكن التعدي عن موردها إلى الكراهة، فإذا كان دليل الكراهة ضعيفا فلا يمكن الحكم بها، لخروجه به عن حيز دليل الاعتبار، فتدبر.

(1) قال به الشيخ قدّس سرّه و جماعة على ما في المدارك لاستلزامه الإهانة لها قال في الجواهر: (و في كشف اللثام حكاه عن الشيخ و ابن إدريس ثم قال: و لم أره في كلاهما، نعم نهى عنه القاضي و هو يحتمل الحرمة).

(2) القائل بالكراهة المشهور- كما في كشف اللثام- و اختاره المصنّف (قدّس سرّه) لكونه أشبه بأصول المذهب و قواعده.

و يمكن الاستدلال لذلك بصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) (في حديث) قال: و لا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة «1».

ينبغي هنا الإشارة إلى أمرين.

الأول- انه كما يشمل البناء الدّار كذلك يشمل غيرها.

الثاني- ان ظاهر رفع البناء هو كون ارتفاعه أكثر من ارتفاع الكعبة فلا يكره البناء على الجبال حولها قال في

الجواهر (مع احتماله خصوصا مع التسامح في الكراهة) فتأمل.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 127

[الرابعة: لا تحل لقطة الحرم]

الرابعة: لا تحل لقطة الحرم قليلة كانت أو كثيرة و تعرف سنة ثم ان شاء تصدق بها و لا ضمان عليه و ان شاء جعلها في يده امانة (1)

(1) قال في المسالك اختلف الأصحاب في لقطة الحرم على أقوال:

فالمصنف في هذا الكتاب حرم قليلها و كثيرها، و في النافع: كرهها مطلقا و ذهب بعضهم إلى جواز ما نقص عن الدرهم و تحريم الزائد. ثم على تقدير الجواز لا يجوز تملك ما زاد على الدّرهم إجماعا، بل يجب تعريفه حولا، ثم يتخيّر بعده ان لم يجد مالكه بين إبقائه في يده امانة و بين الصدقة به، و في الضّمان حينئذ لو ظهر المالك و في التّذكرة؟ وجهان:

و في المختلف: أطلق دعوى الإجماع على تحريم تملك لقطة الحرم، مع انه نقل بعد ذلك عن جماعه: جواز تملك ما نقص عن الدرهم، و القول بالكراهة مطلقا أقوى، لضعف تمسك و القول بجواز تملك ما نقص عن الدرهم منها، لا بأس به، و هي خيرة الدروس، و كذا القول بضمان ما زاد لو تصدّق به فكره المالك كغيرها).

و كيف كان فتحقيق الكلام و تفصيله موكول الى محله و على نحو الإجمال و الاختصار حسب مقتضى الأخيار: (ان اللقطة ان كانت قيمتها أقل من الدّرهم جاز تملّكها في الحال من دون احتياج الى تعريف و فحص عن مالكها و لكن لا يملكها قهرا و بدون قصد التملك فتملكها يحتاج إلى القصد فان جاء مالكها بعد ما التقطها دفعها اليه مع بقائها و ان تملكها

و ان كانت تالفة لا يحكم بضمان الملتقط و ليس عليه عوضها ان كان بعد التملك.

هذا كله، إذا كانت قيمة اللقطة أقل من الدرهم و أما إذا كانت

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 128

[الخامسة: إذا ترك الناس زيارة النبي صلى اللّه عليه و آله أجبروا عليها]

الخامسة: إذا ترك الناس زيارة النبي صلى اللّه عليه و آله أجبروا عليها (1)

قيمتها درهما أو أكثر وجب عليه تعريفها و الفحص عن صاحبها إلى سنة كاملة فان لم يظفر به فان كانت لقطة الحرم تخير بين أمرين التصديق بها أو إبقائها عنده و حفظها لمالكها و ليس له تملكها و ان كانت لقطة غير الحرم تخير بين أمور ثلاثة تملكها، و التصدق بها مع الضمان فيهما و إبقائها أمانة بيده من غير ضمان).

(1) ما أفاده المصنف (قدس سره) مما لا ينبغي الإشكال فيه، و ذلك لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لو ان الناس تركوا الحج لكان على الوالي ان يجبرهم على ذلك و على المقام عنده و لو تركوا زيارة النبي (صلى اللّه عليه و آله) لكان على الوالي ان يجبرهم على ذلك و على المقام عنده فان لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين «1».

و لا يخفى ان ظاهره هو وجوب إجبار الناس على الوالي لزيارة النبي (صلى اللّه عليه و آله) لو تركوها و على الحج لو تركوه و لكن بمقدار الكفاية.

و اما ما في المسالك «2» من عدم دلالته على الوجوب الشرعي الذي عقابه أخروي لو ترك و هذا بخلاف زيارة النبي (صلى اللّه عليه و آله)

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث 2

(2) يذكر ما في المسالك بصورة مفصلة عند

ذيل المبحث.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 129

لما يتضمن من الجفاء المحرم (1)

فان عقاب تركها و هو الإجبار أمر دنيوي فلا يمكن المساعدة عليه، لعدم مشروعية الإجبار على ترك غير الواجب.

اللهم الا ان يقال بعدم البعد في جبر الناس على المندوب لو أجمعوا على تركه بعد ورود النّص الصّحيح عليه فيكون كالجبر على الأذان لو أجمعوا على تركه، و قد ذكره الشهيد الثاني (قدس سره) حيث قال: قد اتفقوا على إجبار أهل البلد على الأذان بل على قتالهم إذا أطبقوا على تركه) كما ورد ذلك بالنسبة إلى حضور الجماعة لو أجمعوا على تركها.

(1) استدل المصنف (قدس سره) و غيره لاجبار الناس على زيارة النبي لو تركوها بان ترك زيارة النبي جفاء و في النبوي: (من أتى مكة حاجا و لم يزرني إلى المدينة جفاني) و في خبر أبي حجر الأسلمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله):

من أتى مكة حاجا و لم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة و من أتاني زائرا أوجبت له شفاعتي و من أوجبت له شفاعتي وجبت له الجنة و من مات في أحد الحرمين مكة و المدينة لم يعترض و لم يحاسب و من مات مهاجرا الى اللّه عز و جل حشر يوم القيامة مع أصحاب بدر «1».

و لكن يمكن المناقشة فيه- مضافا الى عدم دلالته على المطلوب- اما أولا فلا مكان دعوى عدم تحقق الجفاء المحرم بترك الزيارة المندوبة و اما ثانيا- فعلى فرض تماميتها فنقول: ان لازمه هو وجوب إجبار كل

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب المزار الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 130

..........

واحد عليها و

هو مناف لكونها مندوبة على الآحاد، كما أفاده صاحب الجواهر (قدّس سرّه).

اللهم الا ان يقال: انها و ان كانت مندوبة على الآحاد الا انه إذا اتفق الجميع على تركها كان جفاء له فيكون حراما كما أفاده في الرياض يجب على الوالي إجبارهم على ترك هذا الجفاء و لكنه أيضا لا يخلو من منع، على انه يأتي ذلك في جميع زيارات الأئمة (عليهم السلام) و العمدة في المسألة هو صحيح معاوية بن عمار المتقدم «1» الذي قلنا بدلا على وجوب ذلك كفاية فيجبرون عليه لو تركوه فبما ذكرنا ظهر ما في المسالك عند شرح عبارة المصنف: (لما يتضمن من الجفاء المحرم و إليك نص عبارتها: (أشار بالتعليل الى ما ورد عنه: (انه قال من حج و لم يزرني فقد جفاني) و لا شك ان جفاه محرم فيكون ترك زيارته و ان كانت في الأصل مستحبا مؤديا بالتحريم بسبب استلزامه الجفاء، هكذا ذكره الشيخ (رحمه اللّه تعالى) و تبعه عليه أكثر المتأخرين، و أنكر ابن إدريس الإجبار هنا، محتجّا: (بأن الزيارة مندوبة و ليس من المندوب يجبر على فعله) و كلية الكبرى: ممنوعة فإن المندوب إذا أدى تركه بالاستهانة يجبر على فعله، و قد اتفق على إجبار أهل البلد على الأذان بل على قتالهم إذا أطبقوا على تركه، نعم يبقى في استدلال الجماعة بحث من حيث انّ ترك زيارته إذا كان يتضمن الجفاء يقتضي التحريم، فيجب الزيارة من حيث انها دافعة للجفاء، فيتحقق الإجبار على تركها بغير

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 131

[و يستحب]

و يستحب العود إلى مكة لمن قضى مناسكه لوداع البيت

(1)

إشكال، الا ان ذلك يستلزم القول بوجوبها و هم لا يقولون به، فاللازم حينئذ أحد الأمرين: أما القول بوجوبها، أو ترك التعليل بالجفاء، و أيضا فالعمل ظاهر الحديث يقتضي إجبار كل حاج يترك زيارة النبي، لان (من) من صيغ العموم فيشمل كل فرد من افراد الحاج و مدعاهم هو إجبار الجميع لو تركوها لا إجبار مطلق التارك مع قيام غيره بها، و على تقدير خروج بعض الافراد بدليل خارجي- كمن تعذر عليه زيارته- يبقى العام حجة على الباقي، و بهذا يندفع ما ذكره بعضهم من ان قوله (من حج) ليس كليا، بل هو مهملة في قوة الجزئية، فلا يصدق كل من ترك زيارته فقد جفاه، فان خروج بعض الافراد لعارض لا يمنع الكلية كغيرها من صيغ العموم الواردة في الأحكام الشرعيّة، فإنه كما اشتهر: (ما من عامّ الا و قد خصّ) الّا ما استثنى، و مع ذلك لا يمنع عمومه و دلالته على حكم الباقي و الاولى في الجواب ما تقدم من استلزام ترك الجميع زيارته التهاون بأعظم السّنن و أجلها فيجبرون عليها الا ان يقوموا بما يدفع ذلك و الجبر و ان كان عقابا: لا يدل على الوجوب، لأنه دنيوي و انما يتحقق بترك الواجب: العقاب الأخروى على وجه).

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب قديما و حديثا، بل الإجماع بقسميه عليه مضافا الى النّصوص الواردة في توديع البيت و منها صحيح معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا أردت ان تخرج من مكة فتاتي أهلك فودّع البيت و طف أسبوعا و أن استطعت ان تستلم الحجر الأسود

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 132

و يستحب امام ذلك صلاة ست ركعات

مسجد الخيف (1) و آكده استحبابا عند المنارة (2) التي في وسطه و فوقها إلى جهة القبلة بنحو ثلاثين ذراعا عن يمينها و يسارها كذلك (3)

و الركن اليماني في كل شوط فافعل و الا فافتح به و اختم، فان لم تستطع ذلك فموسع عليك، ثم تأتى المستجار فتصنع عنده مثل ما صنعت يوم قدمت مكة، ثم تخير لنفسك من الدعاء، ثم استلم الحجر الأسود، ثم ألصق بطنك بالبيت و احمد اللّه و أثن عليه وصل على محمد و آله، ثم قل اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و نبيك و أمينك و حبيبك و نجيبك و خيرتك من خلقك اللهم كما بلغ رسالتك و جاهد في سبيلك و صدع بأمرك و أو ذي فيك و في جنبك و عبدك حتى أتاه اليقين، اللهم اقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من و فدك من المغفرة و البركة و الرضوان و العافية مما يسعى أن أطلب أن تعطيني مثل الذي أعطيته أفضل من عبدك تزيدني عليه. إلخ «1» و نحوه غيره من الاخبار.

(1) لخبر أبي بصير المتقدم «2» و لكن لا دلالة فيه على استحباب صلاة ست ركعات في مسجد الخيف امام عوده في يومه أو قبله لكونه ظاهرا في استحباب ذلك في المكان المزبور لشرفه.

(2) المعبر عنها في خبر أبي حمزة الثمالي «3» المتقدم بالصومعة

(3) بل و خلفها كما دل عليه خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 51 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 51 من أبواب

أحكام المساجد الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 133

و يستحب التحصيب لمن نفر في الأخير و ان يستلقي فيه (1).

(عليه السلام) قال: صل في مسجد الخيف و هو مسجد منى و كان مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد و فوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا و عن يمينها و عن يسارها و خلفها نحوا من ذلك قال: فتحر ذلك فان استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه قد صلى فيه ألف نبي و انما سمى الخيف لانه مرتفع عن الوادي و ما ارتفع عن الوادي سمي خيفا «1»

(1) ما أفاده المصنف (قدس سره) من النزول في وادي المحصب و الاستلقاء فيه مما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) و استدل له بعدة اخبار- منها.

1- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (في حديث) قال فإذا نفرت و انتهيت الى الحصباء و هي البطحاء فشئت أن تنزل قليلا، فإن أبا عبد اللّه (عليه السلام) قال: كان أبي ينزلها، ثم يحمل فيدخل مكة من غير ان ينام بها «2» و رواه مثله عنه عليه السلام و زاد:

(و قال: ان رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» انما نزلها حيث بعث بعائشة مع أخيها عبد الرحمن الى التنعيم فاعتمرت لمكان العلة التي أصابتها فطافت بالبيت، ثم سعت، ثم رجعت فارتحل من يومه) «3».

2- خبر ابان عن أبي مريم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انه

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 50 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(3) الوسائل ج

2 الباب 15 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 134

..........

سئل عن الحصبة؟ فقال: كان أبي ينزل الأبطح قليلا، ثم يجي ء فيدخل البيوت من غير ان ينام بالأبطح، فقلت له: أ رأيت ان تعجل في يومين ان كان من أهل اليمن عليه ان يحصب؟ قال: لا «1» و رواه الصدوق بإسناده عن أبان الا انه أسقط قوله (ان كان من أهل اليمين) و زاد:

(و قال كان أبي عليه السلام ينزل الحصبة قليلا ثم يرتحل و هو دون خبط و حرمان «2» 3- في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال:

يستحب لمن نفر من منى ان ينزل بالمحصب و هي البطحاء فيمكث بها قليلا ثم يرتحل إلى مكة، فإن رسول اللّه كذا فعل و كذلك كان أبو جعفر (عليه السلام) كان يفعله «3» ينبغي هنا الإشارة إلى أمور الأول- ان هذه الاخبار لأدلة فيها على اختصاص التحصيب بالنفر الأخير الثاني- انه لم يذكر فيها الاستلقاء نعم عن الفقه المنسوب الى الرضا «عليه آلاف التحية و الثناء»: فإذا رميت الجمار يوم الرابع ارتفاع النهار فامض منها إلى مكة فإذا بلغت مسجد الحصبة دخلته و استلقيت فيه على قفاك على قدر ما تستريح) «4» و لكن لم يثبت نسبته عندنا، فتدبر الثالث- ذكر الشيخ و غيره ان التحصيب النزول في مسجد الحصبة و هذا المسجد غير معروف الآن.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

(2) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب العود إلى منى الحديث 4

(3) المستدرك الباب 13 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(4) فقه الرضا ص 29

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص:

135

..........

قال في الدروس: (و يستحب للنافر في الأخير التحصيب تأسيا بالرسول صلى اللّه عليه و آله و هو النزول بمسجد الحصبة بالأبطح الذي نزل به رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و يستريح فيه قليلا و يستلقي على قفاه و روى «1» ان النبي (صلى اللّه عليه و آله) يصلى فيه الظهرين و العشاءين و هجع هجعة ثم دخل مكة و ليس التحصيب من سنن الحج و مناسكه و انما هو فعل مستحب اقتداء برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله) و قال ابن إدريس: (ليس للمسجد أثر الآن فتتأدى هذه السنة بالنزول بالمحصب من الأبطح و هو ما بين العقبة و بين مكة و قيل هو ما بين الجبل الذي عند مقابر مكة و الجبل الذي يقابله مصعدا في الشق الأيمن لقاصد مكة و ليست المقبرة فيه و اشتقاقه من الحصباء و هو الحصى المحمول بالسيل) و قد اعترف غير واحد بأنه ليس لهذا المسجد أثر الا انه قبل ظاهر كلام الصدوق و الشيخين وجوده في زمنهم.

و قال ابن الفاخر على ما حكي في الجواهر: (ما شاهدت أحدا يعلمني به في زماني و انما أوقفني أحد على اثر مسجد قرب منى على يمين قاصد مكة في مسيل- واد- قال و ذكر آخرون انه عند مخرج الأبطح إلى مكة و كيف كان فلم يذكر في أخبارنا ان التحصيب هو النزول في مسجد الحصبة بل دلت على استحباب النزول في المحصب الذي هو الوادي.

و أما الفقه المنسوب الى الامام الرضا (عليه السلام) و ان كان مشتملا

______________________________

(1) سنن البيهقي ج 5 ص 160

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 136

و إذا عاد إلى مكة فمن

السنة ان يدخل الكعبة (1)

على المسجد الا أنه لم يثبت نسبته عندنا.

و في مجمع البحرين (أن الأبطح في الحديث انه صلى بالأبطح يعنى مسيل وادي مكة و هو مسيل واسع فيه دقائق حصى اوله عند منقطع الشعب بين وادي منى و آخره متصل بالمقبرة التي تسمى بالمصلي عند أهل مكة و يجمع على الأباطح و البطاح بالكسر على غير القياس و البطحاء مثل الأبطح و منه بطحا مكة.

الخامس- ان ظاهر قوله عليه السلام (دون خبط و حرمان) انهما اسمان ثم زالا و زال اسمهما و في المدارك: (لم أقف في كلام أهل اللغة على شي ء يعتد به في ضبط هذين اللفظين و تفسيرهما) و في الوافي على ما في الجواهر: (لعل المراد بما دون ضبط و حرمان ان لا ينام فيه مطمئنا و لا يجاوزه محروما من الاستراحة فيه فان الخبط بالمعجمة و الموحدة طرح النفس حيث كان النوم و في بعض النسخ: (ذو خبط) يعني يرتحل و هو طارح نفسه للنوم و محروم من النوم).

و لكن ما حكى عن الأزرقي في الجواهر: (حد المحصب من الحجون متصعدا في الشق الأيسر و أنت ذاهب إلى منى الى حائط حرمان مرتفعا عن بطن الوادي) يدل على ما ذكرناه.

(1) ما افاده المصنف (قدس سره) من استحباب دخول الكعبة الشريفة (زادها اللّه تعالى شرفا) مما لا ينبغي الإشكال فيه، و استدل لذلك بالاخبار المروية عنهم عليهم السلام- منها:

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 137

و يتأكد في حق الصرورة (1)

1- صحيح معاوية بن عمار قال: رأيت العبد الصالح عليه السلام دخل الكعبة فصلى فيها ركعتين على الرّخامة الحمراء، ثم قام، فاستقبل الحائط بين الركن اليماني و الغربي فرفع يده

عليه و لصق به و دعا، ثم تحول الى الركن اليماني فلصق به و دعا، ثم أتى الركن الغربي، ثم خرج «1» 2- خبر أبي القداح عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: سألته عن دخول الكعبة فقال الدخول فيها دخول في رحمة اللّه تعالى، و الخروج منها خروج من الذنوب معصوم فيما بقي من عمره، مغفور له ما سلف من ذنوبه «2».

3- مرسل علي بن خالد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان يقول: الداخل في الكعبة يدخل و اللّه راض عنه، و يخرج عطلا من الذنوب «3».

4- مرسل الصدوق من دخل الكعبة بسكينة و وقار و هو ان يدخلها غير متكبّر و لا متجبر غفر له «4».

(1) اما تأكد استحباب دخول الصرورة في الكعبة فقد استدل له بعدة أخبار- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب- 36- أبواب مقدمات الطواف الحديث 4

(2) الوسائل ج 2 الباب 34 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1.

(3) الوسائل ج 2 الباب 34 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2.

(4) الوسائل ج 2 الباب 34 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 138

..........

1- خبر سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لا بد للصرورة أن يدخل البيت قبل ان يرجع فإذا دخلته فأدخل بسكينة و وقار ثم أنت كل زاوية من زواياه «1».

2- مرسل ابان بن عثمان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام و ان يدخل البيت «2».

3- خبر حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن دخول البيت؟ فقال: اما الصّرورة فيدخله، و أما من قد حج فلا «3» 4- خبر سليمان بن مهران عن

جعفر بن محمد (عليهما السلام) (في حديث) قال: قلت له: و كيف صار الصّرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ قال: لأن الصّرورة قاضي فرض مدعو الى حج بيت اللّه تعالى فيجب أن يدخل البيت الذي دعى اليه ليكرم فيه «4» 5- خبر على بن جعفر قال: سألت أخي موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن دخول الكعبة أ واجب هو على كلّ من قد حجّ؟ قال: هو واجب أوّل حجة ثم ان شاء فعل و ان شاء ترك «5» الى غير ذلك من الاخبار و ليس المراد من قوله (عليه السلام): (هو واجب أوّل حجة) معناه المصطلح بل بمعنى ثابت بقرينة باقي الأخبار.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 6

(2) الوسائل ج 2 الباب 35 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 35 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3

(4) الوسائل ج 2 الباب 35 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 4

(5) الوسائل ج 2 الباب 35 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 139

و أن يغتسل و يدعو عند دخولها (1) و ان يصلى بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرء في الأولى الحمد و حم السجدة و في الثانية عدد آيها (2) و يصلي في زوايا البيت (3)

(1) لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل ان تدخل و لا تدخل بحذاء و تقول إذا دخلت اللهم انك قلت و من دخله كان آمنا فآمين من عذاب النار. «1»

و قوله (عليه السلام): (فاغتسل) و ان كان ظاهرا في الوجوب الا انه ترفع اليد

عنه لأجل تسالم الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) على الخلاف و أما الاستحباب فلا وجه لرفع اليد عنه، فتدبر.

(2) لقوله عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار المتقدم (ثم تصلى ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء [1] تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة و في الثانية عدد آيها من القرآن. إلخ) و نحوه غيره من الأخبار.

(3) لقوله عليه السلام في ذيل صحيح معاوية بن عمار المتقدم:

(و تصلى في زواياه) و خبر محمد بن إسماعيل بن همام قال أبو الحسن عليه

______________________________

[1] في الحديث يصلي على الرخامة الحمراء يعني في الكعبة المشرفة و الرخام حجر معروف (مجمع البحرين)

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 140

ثم يدعو بالدعاء المرسوم (1) و يستلم الأركان و يتأكد في اليماني (2)

السلام) دخل النبي الكعبة فصلى في زواياها الأربع و صلّى في كل زاوية ركعتين «1»

(1) و هو ما ورد في خبر سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لا بد للصّرورة أن يدخل البيت قبل أن يرجع فإذا دخلته فادخله بسكينة و وقار ثم ائت كل زاوية من زواياه ثم قل اللهم انك قلت فمن دخله كان آمنا فآمني من عذابك «ب» يوم القيامة. «2» و صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل ان تدخلها و لا تدخلها بحذاء و تقول: إذا دخلت: اللّهم انّك قلت: و من دخله كان آمنا فآمني من عذاب النار «3»

(2) لصحيح معاوية بن عمار المتقدم «4» لقول (عليه السّلام) فيه: (ثم تحوّل الى الرّكن اليماني. إلخ) و خبر الحسين بن أبي العلاء

قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) و ذكرت الصلاة في الكعبة؟ قال: بين العمودين تقوم على البلاطة الحمراء، فان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) صل عليها، ثم اقبل على أركان البيت و كبّر الى كل ركن منه «5» و نحوهما غيرهما من الأخبار ينبغي هنا ذكر أمور:

الأول- قد صرح بعض الأصحاب باستحباب البكاء في الكعبة

________________________________________

شاهرودى، سيد محمود بن على حسينى، كتاب الحج (للشاهرودي)، 5 جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، دوم، ه ق

كتاب الحج (للشاهرودي)؛ ج 5، ص: 140

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 6

(3) الوسائل ج 2 الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(4) الوسائل ج 2 الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 4

(5) الوسائل ج 2 الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 141

..........

و حولها من خشية اللّه و في خبر العزرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

انما سميت مكة بكة، لأن الناس يتباكون فيها «1» و في خبر عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام لم سميت الكعبة بكة؟ فقال.

لبكاء النّاس حولها و فيها «2» الثاني- انه قد عرفت في صحيح معاوية بن عمّار من الأمر بالغسل لدخول الكعبة و هذا لا يختص بالرّجال بل يحكم به للنساء ايضا.

و يمكن الاستدلال له- مضافا الى قاعدة الاشتراك- بما رواه عبيد اللّه ابن على الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) أ يغتسلن النساء إذا أتين البيت؟ قال: نعم، ان اللّه عزّ و جلّ يقول (طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ

وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ) «3» فينبغي للعبد ان لا يدخل الا و هو طاهر قد غسل عنه العرق و الأذى و يتطّهر «4» الثالث- انه يستحب التكبير ثلاثا في خارج الكعبة، لخبر عبد اللّه ابن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) و هو خارج من الكعبة و هو يقول: اللّه أكبر اللّه أكبر، حتى قالها ثلاثا، ثم قال: اللّهم لا تجهد بلائنا ربنا، و لا تشمت بنا أعدائنا، فإنك أنت الضّار النّافع ثم هبط فصلى

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 38 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 38 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

(3) سورة البقرة الآية 152

(4) الوسائل ج 2 الباب 39 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 142

ثم يطوف بالبيت أسبوعا ثم يستلم الأركان و المستجار و يتخير من الدعاء ما أحبه (1)

إلى جانب الدرجة جعل الدرجة عن يساره مستقبل الكعبة ليس بينه و بينها أحد ثم خرج الى منزله «1» الرابع- قد ذهب بعض الى عدم تأكد دخول الكعبة للنساء و ان كن صرورة، لما دل على وضع ذلك عنهن، و لكن مع ذلك ان دخلنه كان أفضل.

و استدل لذلك بخبر عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال سئل عن دخول النساء الكعبة؟ فقال: ليس عليهن و ان فعلن فهو أفضل «2» و أما ما دل على وضع ذلك عنهن و هو:

1- مرسل فضالة بن أيوب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال ان اللّه وضع عن النساء أربعا وعد منهن دخول الكعبة «3» 2- ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: ليس على

النساء جهر بالتلبية و لا دخول البيت «4» و نحوهما و غيرهما من الاخبار.

(1) ما افاده المصنف (قدس سره) من استحباب طواف الوداع بالبيت أسبوعا و استلام الأركان و المستجار و الدعاء بما أحبه مما لا ينبغي الإشكال فيه لصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 40 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 41 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(3) الوسائل ج 2 الباب 41 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

(4) الوسائل ج 2 الباب 41 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 143

ثم يأتي زمزم فيشرب منها ثم يخرج (1) و هو يدعو (2)

إذا أردت ان تخرج من مكة فتأتي أهلك فودع البيت و طف أسبوعا، و ان استطعت ان تستلم الحجر الأسود و الركن اليماني في كل شوط فافعل، و الا فافتح به و اختم و ان لم تستطع ذلك فموسع عليك، ثم تأتي المستجار فتصنع عنده مثل ما صنعت يوم قدمت مكة، ثم تخير لنفسك من الدعاء، ثم استلم الحجر الأسود ثم ألصق بطنك بالبيت و احمد اللّه و أثن عليه و صل على محمد و آله، ثم قل: «اللّهم صلّ على محمّد عبدك و رسولك (نبيّك و أمينك و حبيبك و نجيبك و خيرتك من خلقك» اللّهم كما بلغ رسالتك و جاهد في سبيلك و صدع بأمرك و أوذي فيك و في جنبك «و عندك» حتى أتاه اليقين اللهم اقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة و البركة و الرضوان و العافية مما يسعني أن اطلب. الى آخر

«1»

(1) لخبر أبي إسماعيل قال: قلت لأبي عبد اللّه: هو ذا اخرج جعلت فداك فمن أين أودع البيت؟ قال: تأتي المستجار بين الحجر و الباب فتودعه من ثم تخرج فتشرب من زمزم ثم تمضى فقلت: أصب على رأسي؟ فقال لا تقرب الصب «2» و قوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمار المتقدم.

(ثم أنت زمزم فاشرب منها ثم اخرج.) «3»

(2) لقوله عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار المتقدم (. ثم

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 5

(3) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 144

و يستحب خروجه من باب الحناطين (1) و يخر ساجدا و يستقبل القبلة و يدعو (2)

ائت زمزم فاشرب منها ثم اخرج فقل آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون الى ربنا راغبون الى ربنا راجعون.

(1) لما عن الحسن بن علي الكوفي قال رأيت أبا جعفر الثاني (عليه السلام) في سنة خمس عشرة (و عشرين خ ل) و مأتين ودع البيت بعد ارتفاع الشمس و طاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط فلما كان الشوط السابع استلمه و استلم الحجر و مسح بيده ثم مسح وجهه بيده ثم اتى المقام. الى أن يقول ثم خرج من باب الحناطين [1] «1»

(2) لما رواه إبراهيم بن أبي محمود قال رأيت أبا الحسين (عليه السلام) ودع البيت فلما أراد أن يخرج من باب المسجد خر ساجدا ثم قام فاستقبل الكعبة فقال اللهم انى انقلب على ان لا إله إلا اللّه «2» و رواه الصدوق في عيون الاخبار

عن محمد بن الحسن بن أحمد بن

______________________________

[1] في الحديث: (لا تسلم ولدك حناطا فإنه يحتكر الطعام على أمتي) الحناط: بفتح الحاء و التشديد بياع الحنطة بالكسر و هي: القمح و البر بضم الباء، و الجمع حنط، و منه فخرج من باب الحناطين لبيعهم الحنطة هناك، و قيل لبيعهم الحنوط، و الحنوط: كرسول، و الحناط ككتاب طيب يضع للميت خاصة (مجمع البحرين).

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

(2) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 145

و يشتري بدرهم تمر و يتصدق به (1)

الوليد عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن هاشم عن إبراهيم ابن أبي محمود قال: رأيت الرضا (عليه السلام) و ذكر مثله.

و قوله عليه في صحيح معاوية بن عمار المتقدم، فإن أبا عبد اللّه (عليه السلام) لما أن ودعها و أراد ان يخرج من المسجد خر ساجدا عند باب المسجد طويلا ثم قام فخرج.).

(1) ما افاده المصنف (قدس سره) من استحباب شراء درهم تمر و التصدق به مما لا اشكال فيه و ذلك للأخبار المروية عنهم عليهم السلام- منها:

1- صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: يستحب للرجل و المرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا به لما كان منهما في إحرامهما و لما كان منهما في حرم اللّه عز و جل «1» 2- صحيح معاوية بن عمار و حفص بن البختري جميعا عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه و أراد ان يخرج ان يبتاع بدرهم تمرا يتصدق به فيكون كفارة لما

لعله دخل عليه في حجه من حك أو قملة سقطت أو نحو ذلك «2» 3- ما رواه ابان عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) إذا أردت ان تخرج من مكة فاشتر بدرهم تمرا فتصّدق به قبضة قبضة، فيكون لكل ما كان حصل في إحرامك و ما كان منك في مكة «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 20 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 20 من أبواب العود إلى منى الحديث 2

(3) الوسائل ج 2 الباب 20 من أبواب العود إلى منى الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 146

[و يكره]

و يكره الحج على الإبل الجلالة (1) و يستحب لمن حج ان يعزم على العود (2)

تذييل و هو انه يستحب التطوع بطواف بعد الحج عن سائر أرحامه و أهل بلده، لخبر علي بن إبراهيم الحضرمي عن أبيه قال: رجعت من مكة فأتيت أبا الحسن موسى عليه السلام في المسجد و هو قاعد فيما بين القبر و المنبر فقلت له: يا بن رسول اللّه انى إذا خرجت إلى مكة ربما قال لي الرجل: طف عني أسبوعا و صلى عنى ركعتين فربما شغلت عن ذلك فإذا رجعت لم أدر ما أقول؟ قال: إذا أتيت مكة فقضيت نسكك فطف أسبوعا و صل ركعتين و قل: اللهم ان هذا الطواف و هاتين الركعتين عن أبي و أمي و عن زوجتي و عن ولدي و عن خاصتي و عن جميع أهل بلدي حرهم و عبدهم و أبيضهم و أسودهم فلا بأس ان تقول للرجل: اني قد طفت عنك و صليت عنك ركعتين الا كنت صادقا «1»

(1) لخبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن

أبيه (عليهما السلام) ان عليها عليه السلام كان يكره الحج و العمرة على الإبل الجلالات «2»

(2) لا ينبغي الإشكال فيه و ذلك للنصوص المرويّة عنهم (عليهم السلام)- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب العود إلى منى الحديث 1

(2) الوسائل الباب 57 من أبواب آداب السفر الحديث 1 من كتاب الحج

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 147

و الطواف أفضل للمجاور من الصلاة و للمقيم بالعكس (1)

1- خبر عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: من رجع من مكة و هو ينوي الحج من قابل زيد في عمره «1».

2- ما رواه الحسين الأحمسي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: من خرج من مكة و هو لا يريد العود إليها فقد اقترب اجله و دنى عذابه «2» 3- خبر الحسن بن علي بن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: ان يزيد ابن معاوية قد حج فلما انصرف قال:

«إذا جعلنا ثافلا يمينا فلا نعود بعدها سنينا»

«للحجّ و العمرة ما بقينا»

فنقص اللّه من عمره و أماته قبل اجله «3» مضافا الى ما في اخبار الدعاء بان لا يجعله آخر العهد به.

ثم انه يستفاد من الحديث الثاني كراهة عدم ارادة العود إليها.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) و استدل لذلك بعدة اخبار- منها:

1- خبر حريز أو صحيحة قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الطواف لغير أهل مكة ممن جاور بها أفضل أو الصلاة؟ قال: الطواف

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 57 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 57 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث 2

(3) الوسائل ج 2

الباب 57 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 148

..........

للمجاورين أفضل، و الصلاة لأهل مكة و القاطنين بها أفضل من الطواف «1» 2- صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال من اقام بمكة سنة فالطواف أفضل من الصلاة، و من اقام سنتين خلط من ذا و من ذا و من اقام ثلاث سنين كانت للصلاة له أفضل من الطواف «2» 3- ما رواه احمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن المقيم بمكة الطواف أفضل له أو الصلاة؟ قال الصلاة «3» ينبغي هنا الإشارة إلى ما يلي 1- ان قوله عليه السلام في صحيح هشام بن الحكم المتقدم: (إذا أقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل و إذا أقام سنتين خلط من هذا و هذا و إذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل) ظاهر في تحديد الإقامة بسنة و هذا مناف لإطلاق كلام المصنف (قدس سره) و غيره.

2- انه يمكن أن يقال ان المراد من أفضلية الطواف للمجاور عن الصلاة النافلة هو أفضليته عن غير الرواتب من الصلاة، لما دل من الأخبار على الحث و التأكيد عليها.

مضافا الى ما دل من الأخبار على قطع الطواف لخوف فوات الوتر و هو ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب الطواف الحديث 4

(2) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب الطواف الحديث 1

(3) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب الطواف الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 149

و يكره المجاورة بمكة (1)

عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه

و بقي عليه بعضه فطلع الفجر فيخرج من الطواف الى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ثم يرجع فيتم طوافه أ فترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر و ان أسفر بعض الاسفار؟ قال: ابدأ بالوتر و اقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد «1» و رواه الصدوق بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج الا انه ترك قوله: (فطلع الفجر) و ترك لفظ: (ذلك) و رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب فعليه يقال: ان المراد أفضلية الطواف من النوافل المبتدأة لا الراتبة، و كيف كان فالأمر سهل بعد كون الأمر مستحبا.

(1) بمعنى الإقامة بها بعد قضاء المناسك و قد علل ذلك بوجوه الأول- ان المقام بمكة يقسي القلب، و روى ذلك في المرسل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إذا قضى أحدكم نسكه فليركب راحلته و ليلحق بأهله، فإن المقام بمكة يقسي القلب «2» الثاني- مضاعفة العذاب بسبب ملابسته الذنب فيها، فقد روى عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل (وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحٰادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذٰابٍ أَلِيمٍ) «3» فقال: كل الظلم فيه إلحاد حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت ان يكون إلحادا فلذلك كان الفقهاء

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 44 من أبواب الطواف الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب مقدمات الطواف و ما يتبعها الحديث 9

(3) سورة الحج الآية 26

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 150

..........

يكرهون بسكنى مكة «1» و روى عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قول اللّه تعالى (وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحٰادٍ

بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذٰابٍ أَلِيمٍ) فقال: كل ظلم يظلمه الرجل على نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شي ء من الظلم فإني أراه إلحادا و لذلك كان يتقي ان يسكن الحرم «2» و رواه الصدوق (رحمه اللّه تعالى) بإسناده عن أبي الصباح الكناني مثله الا انه قال: (و لذا كان يتقى الفقهاء ان يسكنوا مكة) و رواه في العلل عن أبيه عن احمد بن إدريس عن احمد بن محمد ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل مثله الا انه قال:

(و لذلك كان ينهى أن يسكن الحرم) الثالث- خروج النبي (صلى اللّه عليه و آله) منها قهرا و عدم عوده إليها إلا للنسك و اسراعه الخروج منها حين عاد.

روى ذلك عنه و عن الأئمة عليهم السلام انه يكره المقام بمكة، لأن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) خرج منها و المقيم بها يقسو قلبه حتى يأتي فيها ما يأتي في غيرها «3» و رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: و لا ينبغي للرجل ان يقيم بمكة سنة قلت كيف يصنع؟ قال: يتحول عنها و لا

______________________________

(1) الوسائل ج 3 الباب 16 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(2) الوسائل ج 3 الباب 16 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 3

(3) الوسائل ج 3 الباب 16 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 8

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 151

..........

ينبغي لأحد ان يرفع بناء فوق الكعبة «1» الرابع- خوف الملالة و قلة الاحترام و ليدوم شوقه إليها، و روى ذلك في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إذا فرغت من نسكك فارجع فإنه أشوق لك الى الرجوع «2»

و لكن قال في المدارك ان هذه التعليلات كلها مروية لكن أكثرها غير واضحة الاسناد.

و قال في الجواهر بعد نقل كلام المدارك: (قلت: قد عرفت مكررا التسامح في أدلة الكراهة).

و لكن لا يخفى ما فيه من المناقشة و الاشكال، لما ذكرناه في غير واحد من المقامات ان غاية دلالة قاعدة التسامح في أدلة السنن المستفادة من اخبار: (من بلغ) بعد الغض عن الاحتمالات المتطرقة في مفادها هي ترتب الثواب على العمل الموعود عليه ذلك لا ان مفادها هو الحكم الشرعي.

مضافا الى انه على فرض تسليم دلالتها على ذلك فإنها تختص بالمستحبات و لا يمكن التعدي عن موردها و هو المستحبات الى المقام و هو المكروهات فالتعدي عن موردها الى مفروض المقام يحتاج الى دليل تعبدي و هو لم يثبت ظاهرا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 5

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 7

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 152

..........

ينبغي هنا بيان أمر و هو أنه يمكن ان يقال بمعارضة ما تقدم من الاخبار ما رواه علي بن مهزيار قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) المقام بمكة أفضل أو الخروج الى بعض الأمصار؟ فكتب: المقام عند بيت اللّه أفضل «1» و ما رواه خالد بن ماد القلانسي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: تسبيحة بمكة أفضل من خراج العراقين ينفق في سبيل اللّه، و قال: من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و يرى منزله من الجنة «2» و بما رواه الصدوق مرسلا و زاد: (من صلى بمكة سبعين ركعة فقرأ في كل ركعة بقل هو

اللّه و انا أنزلنا و آية السخرة و آية الكرسي لم يمت الا شهيدا و الطاعم بمكة كالصائم فيما سواها و صيام يوم بمكة يعدل صيام سنة فيما سواها و الماشي بمكة في عبادة اللّه «3» و هذه الأخبار- كما ترى- تدل على استحباب الإقامة في مكة المكرمة فتعارض الأخبار المتقدمة في صدر المبحث ظاهرا و يمكن الجمع بينها و بين الاخبار المتقدمة بما يأتي 1- حملها على الكراهة على مالا يأمن من وقوع المحذورات منه و الاستحباب للواثق من نفسه بعدمها و هذا الجمع اختاره الشهيد (قدس سره) و جماعة.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 16 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 45 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 1

(3) الوسائل ج 2 الباب 45 من أبواب مقدمات الطواف الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 153

..........

2- حمل الأخبار الأخيرة على المجاورة لأجل العبادة و الاخبار المتقدمة في صدر المبحث على المجاورة لا لها بل للتجارة و نحوها و اختاره جماعة، و استحسن هذا الجمع الشهيد الثاني في المسالك و لكن لا مطلقا بل مع الوثوق بعدم الملل و الاحترام و ملابسة الذنب و نحوه. و قال في آخر كلامه: (و ان كان المشهور الكراهة مطلقا).

لا بأس هنا بذكر كلام صاحب الجواهر (قدس سره) بعد ذكر الخبرين المتقدمين و إليك نص عبارته: (الى غير ذلك من النصوص التي لا تنافي عند التأمل كراهة المجاورة خصوصا بعد احتمال كون الطاعم فيها كالصائم و الماشي كالعباد خصوص من نويا بكونهما التقرب الى اللّه تعالى بأداء المناسك أو غيرها من العبادات الى ان قال: على انه غير مناف لكون الخارج منها لتشويق نفسه إليها و

التحرز من الإلحاد و القسوة و الاندراج في الحاج و الوافدين على اللّه تعالى و نحو ذلك مما لا يحصل للمقيم كذلك أيضا أو أفضل منه الى قال قال أبو جعفر (عليه السلام) في المرسل «1» من جاور بمكة سنة غفر اللّه له ذنوبه و لأهل بيته و لكل من استغفر له و لعشيرته و لجيرته تسع سنين قد مضت و عصموا من كل سوء أربعين و مأة سنة» و قال بعد ذلك: «و الانصراف و الرجوع أفضل من المجاورة» و ان احتمل كون ذلك من الصدوق.

و جمع الشهيد بين الخبرين باستحباب المجاورة لمن يثق من نفسه بعدم

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 15 من أبواب مقدمات الطواف و ما يتبعها الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 154

يستحب النزول بالمعرس على طريق المدينة المنورة و صلاة ركعتين به (1)

المحذورات المذكورة و حكى قولا باستحبابها للعبادة و كراهيتها للتجارة و لم يستوضحه في المدارك قال: إذ مقتضى الروايتين كراهة المجاورة على ذينك الوجهين و تبعه بعض من تأخر عنه و يمكن منعه عليه كما انه يمكن كون كون مراد القائل استحباب الجوار من حيث كونه جوارا لا من حيث العبادات الأخر- من طواف و نحوه-، و بذلك يظهر لك عدم تنافي النصوص و لعل صحيح ابن مهزيار محمول على خصوص القادم للحج و العبادة فإن مقامه بالبيت أفضل له من مقامه في غير مكان.

(تذييل): و هو انه استنبط صاحب الحدائق من الرّوايات المتقدمة كراهة سكنى الأماكن المشرفة و المشاهد المعظمة على ما حكى عنه، و لكن فيه مالا يخفى.

ثم انه قد وقع الخلاف في المراد من المجاورة بمكة قيل و المراد به هو المسافر بعد

نيته إقامة عشرة أيام و قال في الجواهر: (و في المسالك في شرح العبارة (أي عبارة المصنف) يعني الإقامة بها بعد انقضاء المناسك و ان لم يكن سنة و يمكن أن يريد به سنة و كلاهما مروي في الصحيح و مع الثاني انه المتعارف.

(1) اما استحباب النزول بالمعرس [1] و هو المكان الذي نزل الرسول

______________________________

[1] في المسالك: المعرس بضم الميم و فتح العين و تشديد الراء المفتوحة اسم مفعول من التعريس و هو النزول في آخر الليل للاستراحة إذا كان سائرا ليلا، و يقال بفتح الميم و سكون العين و تخفيف الراء المعرس بذي الحليفة-

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 155

..........

الأعظم محمد (صلى اللّه عليه و آله) عند الهجرة و يقال انه الآن مسجد بإزاء مسجد الشجرة) فمما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل في الجواهر: (بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك) و استدل لذلك بعدة اخبار- منها:

1- حسن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) إذا انصرفت من مكة إلى المدينة و انتهيت إلى ذي الحليفة و أنت راجع الى المدينة من مكة فائت معرس النبي (صلى اللّه عليه و آله) فان كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصل فيه و ان كان (كنت خ) في غير وقت صلاة مكتوبة فانزل فيه قليلا، فان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) كان يعرس فيه و يصلي فيه «1»

______________________________

مسجد بقرب مسجد الشجرة بإزائه مما يلي القبلة فيستحب النزول به و الصلاة فيه و الاضطجاع تأسيا بالنبي (صلى اللّه عليه و آله) و لا فرق فيه ليلا و نهارا و عن أبي عبد اللّه الأسدي: (بذي الحليفة

مسجد ان لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) فالكبير الذي يحرم الناس منه و الآخر مسجد المعرس و هو دون مصعد البيداء بناحية عن هذا المسجد) و في الدروس: (انه بإزاء مسجد الشجرة إلى ما يلي القبلة) و في الجواهر: (المعرس بضم الميم و فتح العين و تشديد الراء المفتوحة و يقال بفتح الميم و سكون العين و تخفيف الراء لمن رجع على طريق المدينة ليلا أو نهارا و ان كان أصل التعريس في آخر الليل للاستراحة كما نص عليه أهل اللغة)

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 19 من أبواب المزار الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 156

..........

2- في الموثق قال علي بن أسباط لأبي الحسن (عليه السلام) و نحن نسمع انا لم نكن عرسنا، فأخبرنا أبو القاسم بن الفضيل انه لم يكن عرس و انه سألك فأمرته بالعود الى المعرس ليعرس فيه؟ فقال له: نعم، فقال له: فإذا انصرفنا فعرسنا فأي شي ء نصنع؟ قال: تصلي فيه و تضطجع و كان أبو الحسن عليه السلام يصلي بعد العتمة فيه، فقال محمد فان مر به في غير وقت صلاة مكتوبة؟ قال: بعد العصر، قال: سئل أبو الحسن (عليه السلام) عن ذا؟ فقال: ما رخص في هذا الا في ركعتي الطواف، فان الحسن بن علي (عليهما السلام) فعله، فقال: يقيم حتى يدخل وقت الصلاة، قال: فقلت له جعلت فداك فمن مر به بليل أو نهار يعرس فيه و انما التعريس بالليل؟ فقال: ان مر به بليل أو نهار فليعرس فيه «1» 3- خبر عيسى بن القاسم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انه سئل عن الغسل في المعرس فقال ليس عليك غسل و التعريس هو ان

تصلى فيه و تضطجع فيه ليلا أو نهارا «2» 4- خبر علي بن أسباط قلت لعلي بن موسى (عليه السلام): ان الفضيل بن يسار روى عنك و أخبرنا عنك بالرجوع الى المعرس و لم نكن عرسنا فرجعنا إليه فأي شي ء نصنع؟ قال: تصلي فيه و تضطجع قليلا،

______________________________

(1) الكافي ج 4 ص 66؟ و فيه أخبرنا ابن القاسم بن الفضيل و الوسائل الباب 19 من أبواب المزار الحديث 4

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب المزار الحديث 2 عن العيص بن القاسم و هو الصحيح كما في الفقيه ج 2 ص 336 الرقم 1561

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 157

..........

و قد كان أبو الحسن عليه السلام يصلي فيه و يقعد، فقال محمد بن علي ابن فضال ان «قد» مررت في غير وقت الصلاة بعد العصر فقال:

سئل أبو الحسن عليه السلام عن ذلك؟ فقال: صل، فقال له الحسن ابن علي بن فضال ان مررت به ليلا أو نهارا نعرس و انما التعريس بالليل؟ فقال: نعم ان مررت به ليلا أو نهارا فعرس فيه، لان رسول اللّه كان يفعل ذلك «1» 5- خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال لي في المعرس معرس النبي (صلى اللّه عليه و آله) إذا رجعت الى المدينة فمر به و انزل و أنخ فيه و صل فيه، ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فعل ذلك قلت: فان لم يكن وقت صلاة؟ قال: فأقم، قلت: لا يقيمون أصحابي؟

قال: فصل ركعتين و امض، و قال: انما المعرس إذا رجعت الى المدينة ليس إذا بدأت «2» ينبغي هنا الإشارة الى ما يلي 1- انه يستحب لمن يرجع من مكة

عن طريق المدينة الصلاة في مسجد (غدير خم) و الإكثار من الابتهال و الدعاء فيه، لخبر عبد الرحمن ابن الحجاج قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الصلاة في مسجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب المزار الحديث 4 و أسقط في الوسائل جملة و ذكر تمام الحديث في التهذيب ج 6 ص 16 الرقم 37

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب المزار الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 158

..........

غدير خم بالنهار و أنا مسافر؟ فقال: صل فيه فان فيه فضلا و قد كان أبي يأمر بذلك «1» و ما رواه أبان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: انه يستحب الصلاة في مسجد الغدير لأن النبي (صلى اللّه عليه و آله) أقام فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو موضع أظهر اللّه عز و جل فيه الحق «2» 2- ان غدير خم هو الموضع الذي نص فيه النبي الكريم على امامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) و ولايته و عقد فيه البيعة له حينما نزل قوله تعالى (يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ إِنَّ اللّٰهَ لٰا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكٰافِرِينَ «3» و في رواية حسان بن الجمال قال: حملت أبا عبد اللّه (عليه السلام) من المدينة إلى مكة؟ قال: فلما انتهينا الى مسجد الغدير نظر الى ميسرة المسجد فقال: ذاك موضع قدم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه «4» و فيه نزل قوله عز و جل بعد ما تمت البيعة لعلي (عليه السلام)

بالولاية:

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلٰامَ دِيناً.) «5» فقال النبي الكريم: (اللّه أكبر و للّه الحمد على إكمال الدين و إتمام النّعمة و رضى الرّب و الولاية لعلي بن أبي طالب) 3- قيل بان جدران المسجد باق الى الآن

______________________________

(1) الوسائل ج 1 الباب 61 من أبواب أحكام المساجد 2

(2) الوسائل ج 1 الباب 61 من أبواب أحكام المساجد 3

(3) سورة المائدة الآية 71

(4) الوسائل ج 1 الباب 61 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1

(5) سورة المائدة الآية 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 159

[مسائل ثلاث]
[الأولى للمدينة حرم]
اشارة

مسائل ثلاث الأولى للمدينة حرم (1) و حده من عائر الى و عير (2)

(1) بلا خلاف فيه بين المسلمين فضلا عن المؤمنين كذا في الجواهر

(2) في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال:

رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): ان مكة حرم اللّه (تعالى جل شأنه) حرمها إبراهيم عليه السلام و ان المدينة حرمي ما بين لابيتها حرمي لا يعضد شجرها و هو ما بين ظل عائر إلى ظل و عير [1] و ليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا و لا يؤكل ذاك و هو بريد «1» و في خبر الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): كنت عند زياد بن عبد اللّه و عند ربيعة الرأي فقال زياد: ما الذي حرم رسول اللّه من المدينة؟ فقال: له بريد في بريد، فقال أبو عبد اللّه الربيعة و كان على عهد رسول اللّه أميال فسكت و لم يجبه، فاقبل على زياد، فقال يا أبا عبد اللّه: ما تقول أنت؟ فقلت: حرم رسول اللّه من المدينة ما بين

لابتيها، قال: و ما بين لابتيها «2»

______________________________

[1] في الدروس «و عير» بفتح الواو، و لكن في حاشية الكركي أنه وجدها في مواضع معتمدة بضم الواو و فتح العين، و كيف كان ففي المسالك و غيرها: (هما جبلان يكتنفان المدينة من المشرق و المغرب) و عن خلاصة الوفاء: «عير و يقال عائر جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 160

و لا يعضد شجره (1)

قلت ما أحاطت به الحرار (حرتان خ ل) قال و ما حرم من الشجر قلت من عير الى و عير «1» و في خبر معاوية بن عمار قال:

سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول ما بين لابتي المدينة ظل عائر إلى ظل و عير حرم قلت طائره كطائر مكة؟ قال لا و لا يعضد شجرها «2»

(1) قد وقع الخلاف في تحريم قطع شجره على قولين: أحدهما التحريم و هو اختيار الشيخ و العلامة على ما في المسالك استنادا الى خبر زرارة الآتي و نحوه و ثانيهما الكراهة و قد نسبه في المسالك الى المشهور.

قال في الجواهر عند شرح قول المصنف (قدس سره): كما هو ظاهر الأكثر بل عن التذكرة انه المشهور، بل عن المنتهى انه لا يجوز عند علمائنا، بل لم أجد من نص على الكراهة قبل الفاضل في القواعد و ان جعله في المسالك من معقد الشهرة على الكراهة لكن لم نتحققه بل هو حكى فيها عن بعض الأصحاب القطع بتحريم قطع الشجر و جعل الخلاف في الصيد قال فيها بعد ان حكى ذلك: (و ظاهر

الاخبار يدل عليه و ان لم يرد خبر بجواز قطع الشجر و انما تعارضت في الصيد الا ان الأصحاب نقلوا الكراهة في الجميع و اختاروها) و هو غريب نعم عن التذكرة و المنتهى و التحرير استثناء ما يحتاج اليه من الحشيش لخبر عامي و للحرج لان بقرب المدينة أشجارا و زروعا كثيرة فلو منع من الاحتشاش للحاجة لزم الحرج المنفي بخلاف حرم

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 10

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 161

فلا بأس بصيده (1)

مكة و هو كما ترى بعد ما سمعت من النصوص المفسر ما فيها من الخلا بالرطب من النبات و اختلاؤه قطعه و عن ابن سعيد استثناه ما سمعته في خبر زرارة من عودي الناضح و لا بأس به بل لا يبعد استثناء ما سمعته سابقا في الحرم للمساواة و لأولوينه و اللّه العالم) مراده (قدس سره) بخبر زرارة هو ما عن أبي جعفر عليه السلام قال حرم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) المدينة ما بين لابتيها صيدها و حرم حولها بريدا في بريد ان يختلى خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي الناضح «1» لا يخفى ان ظاهر قوله عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار المتقدم و خبره: (و لا يعضد شجرها) هو عدم جواز قطع شجرها فان ثبت ذهاب المشهور الى خلافه فترفع اليد عنه و الا فلا

(1) و استدل له- مضافا الى الأصل- بقوله عليه السلام في خبر معاوية (ليس صيدها «اي المدينة» كصيد مكة يؤكل هذا و لا يؤكل ذاك) «2» و ما رواه ابى العباس يعنى الفضل

بن عبد الملك قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام حرم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) المدينة؟ فقال:

نعم حرم بريدا في بريد غضاها قال: قلت: صيدها؟ قال: لا يكذب الناس «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 5

(2) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 1

(3) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 4

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 162

الا ما صيد بين الحرتين و هذا على الكراهة المؤكد (1)

و خبر معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول ما بين لابتي المدينة ظل عائر إلى ظل و عير حرم قلت طائره كطائر مكة؟ قال:

لا و لا يعضد شجرها «1» و خبر يونس بن يعقوب انه قال لأبي عبد اللّه (عليه السلام) يحرم على في حرم رسول اللّه ما يحرم على في حرم اللّه؟ قال: لا «2»

(1) ما أفاده المصنف (قدّس سرّه) من كراهة المؤكدة للصيد من بين الحرتين [1] مما لا يخلو من اشكال قال في الجواهر بعد ذكر الاخبار:

(الا انها بعد الإغضاء عن السند و لا جابر و احتمال خبر ابن العباس منها نفى الكذب عن الناس أي العامة في روايتهم ذلك كظهور خبر يونس في إرادة نفي الكلية لا خصوص الأمرين و احتمال خبر ابن عمار نفى حرمة الأكل لا الاصطياد قاصرة عن معارضة غيرها ممّا دل على الحرمة فيما بين

______________________________

[1] الحرّة بفتح الحاء المهملة و تشديد الراء الأرض التي فيها حجارة سود و كيف كان فالمراد منهما حرة و أقم و هي شرقية المدينة و تسمى حرة بني قريظة، و واقم اسم صنم لبني عبد الأشهل بنى عليها،

أو اسم رجل من العماليق نزل بها، و حرة ليلى و هي غريبتها، و هي حرة العقيق و لها حرتان أخريان جنوبا و شمالا يتصلان بهما فكأن الأربع حرتان و هما حرة قبا و حرة الرجلى ككسرى و يمد بترجل فيها لكثرة حجارتها.

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 10

(2) الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار الحديث 8

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 163

[الثانية: يستحب زيارة النبي للحاج استحبابا مؤكدا]

الثانية: يستحب زيارة النبي للحاج استحبابا مؤكدا (1)

الحرتين سندا دلالة «1» فإن المحكي عن الأكثر الحرمة بل عن الشيخ في الخلاف الإجماع عليها كظهور المنتهى و من هنا جمع بين النصوص بالفرق بين ما صيد ما بين الحرتين و بين صيد غيره فيحرم الأول دون الثاني و لعله لا يخرج من قوة مع انه أحوط الى ان قال فما في المتن من الكراهة غير واضح و ان نسبه في المسالك إلى الشهرة أيضا إلا انا لم نتحققه بل لعل المتحقق خلافه بل رجح المصنف عنها في النافع إلى الحرمة نعم ظاهر النافع عدم الكراهة في غير ذلك من الحرم الذي سمعت انه بريد في بريد و لا بأس به لظاهر النصوص و ان كان لو قيل به لكان وجها للتسامح فيها).

تذييل 1- انه لا تجب الكفّارة في صيد الحرم المذكور و لا في قطع شجره لعدم الدليل عليه.

2- انه لا يجب لدخول حرم مدينة الإحرام، كحرم مكة، للأصل و غيره.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب بل ادعى الإجماع و ضرورة الدين فيه و لذا يجبر الامام الناس عليها لو تركوها كما دل عليه صحيح معاوية بن عمّار

______________________________

(1) و قد ذكر بعض ما دل على المذكور

في الوسائل ج 2 الباب 17 من أبواب المزار.

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 164

..........

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو ان الناس تركوا الحج لكان على الوالي ان يجبرهم على ذلك و على المقام عنده و لو تركوا زيارة النبي لكان على الوالي ان يجبرهم على ذلك و على المقام عنده فان لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين «1» و خبر الشحام قلت: ما لمن زار رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) قال: لمن زار اللّه فوق عرشه «2» و رواية الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر الى في حياتي فان لم تستطيعوا فابعثوا الى السلام فإنه يبلغني «3» و نحوها غيرها من الاخبار المروية في الوسائل في الباب الثاني من أبواب المزار و ما يناسبه و من أراد الاطلاع عليها فليراجعه ينبغي هنا الإشارة إلى أمور 1- افتى الفاضل في القواعد على ما حكاه صاحب الجواهر (قدس سره) باستحباب البدأة بزيارته و تقديمها على إتيان مكة و يدل على ذلك خبر العيص بن القاسم.

قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الحاج من الكوفة يبدأ بالمدينة

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 5 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 3 من أبواب المزار الحديث 6

(3) الوسائل ج 2 الباب 4 من أبواب المزار الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 165

..........

أفضل أو بمكة؟ قال: بالمدينة «1» و لكنه يعارضه خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن

أبيه (عليهما السلام) قال سألت أبا جعفر عليه السلام أبدأ بالمدينة أو بمكة؟ قال: أبدأ بمكة و اختم بالمدينة فإنه أفضل «2» و نحوه خبر احمد بن أبي عبد اللّه «3» عن أبيه عنه (عليه السلام) ايضا و في خبر إسماعيل بن مهران (إذا حج أحدكم فليختم بزيارتنا لان ذلك من تمام الحج) «4» و نحوها غيرها من الاخبار.

2- قد صرح بعض برجحان زيارة النبي (صلى اللّه عليه و آله) على إتيان مكة مجردا عنها ففي المروي عن جعفر بن محمد بن قولويه في (المزار) عن الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أيهما أفضل رجل يأتي مكة و لا يأتي بالمدينة، أو رجل يأتي النبي و لا يأتي مكة قال: فقال لي: أي شي ء تقولون أنتم؟ فقلت نحن نقول في الحسين (عليه السلام) فكيف في النبي (صلى اللّه عليه و آله)، فقال: اما لئن قلت ذلك لقد شهد أبو عبد اللّه عليه السلام عيدا بالمدينة فدخل على النبي (صلى اللّه عليه و آله) فدخل فسلم عليه ثم قال لمن حضره لقد فضلنا أهل البلدان كلهم مكة فما دونها لسلامنا على رسول اللّه صلى عليه و آله «5»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب المزار الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب المزار الحديث 3

(3) الوسائل ج 2 الباب 1 من أبواب المزار الحديث 4

(4) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب المزار الحديث 7

(5) الوسائل ج 2 الباب 10 من أبواب المزار الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 166

..........

3- كيفية زيارته (صلى اللّه

عليه و آله) على ما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام قال:

إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل ان تدخلها أو حين تدخلها، ثم تأتي قبر النبي (صلى اللّه عليه و آله) فتسلم على رسول اللّه، ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر عند زاوية القبر و أنت مستقبل القبلة و منكبك الأيسر إلى جانب القبر و منكبك الأيمن مما بلي المنبر فإنه موضع رأس رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و تقول:

اشهد ان لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و اشهد ان محمدا عبده و رسوله و أشهد أنك رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)، و أشهد أنك محمد بن عبد اللّه و أشهد انك قد بلغت رسالات ربك و نصحت لأمتك و جاهدت في سبيل اللّه و عبدك اللّه حتى أتاك اللّه اليقين بالحكمة و الموعظة الحسنة، و أديت الذي عليك من الحق و انك قد رؤفت بالمؤمنين و غلظت على الكافرين فبلغ اللّه بك أفضل شرف محل المكرمين، الحمد للّه الذي استنقذنا من الشرك و الضلالة اللهم فاجعل صلواتك و صلوات ملائكة المقربين و عبادك الصالحين و أنبيائك المرسلين و أهل السماوات و الأرضين و من سبح لك يا رب العالمين من الأولين و الآخرين على محمد عبدك و رسولك و نبيك و أمينك و نجيك و حبيبك و صفيك و خاصتك و صفوتك و خيرتك من خلقك، اللهم أعطه الدرجة و الوسيلة من الجنة، و ابعثه مقاما محمدا يغبطه به الأولون و الآخرون، اللهم انك قلت: وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّٰهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا

اللّٰهَ تَوّٰاباً رَحِيماً، و اني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 167

[الثالثة: يستحب ان تزار فاطمة عليها السلام من عند الروضة]

الثالثة: يستحب ان تزار فاطمة عليها السلام (1) من عند الروضة (2)

ذنوبي، إني أتوجه بك الى اللّه ربي و ربك ليغفر ذنوبي و ان كانت لك حاجة فاجعل قبر النبي خلف كتفيك و استقبل القبلة و ارفع يديك و سل حاجتك فإنك أحرى ان تقضى إنشاء اللّه «1» و قد عقد في الوسائل بابا بعنوان كيفية زيارة النبي (صلى اللّه عليه و آله) و آدابها، و الدعاء عند قبره، و قد ذكر فيه الأخبار الكثيرة بكيفيات مختلفة و من أراد الاطلاع عليها فليراجع الباب 6 من أبواب المزار و ما يناسبه، و لا تنافي بينها، لكونها من قبيل تعدد المطلوب لا وحدة المطلوب فتدبر.

(1) لا ينبغي الارتياب فيه لأن زيارة فاطمة (عليها السلام) من المستحبات الأكيدة و لها فضل عظيم و ثوابها جسيم، و في خبر يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جده قال: دخلت على فاطمة فبدأتني بالسّلام، ثم قالت:

ما غدا بك؟ قلت: طلبت البركة، قالت: أخبرني ابي و هو ذا انه من سلم عليه و على ثلاثة أيام أوجب اللّه له الجنة قلت: في حياته و حياتك؟

قالت: نعم و بعد موتنا «2»

(2) لقول الصادق (عليه السلام) في مرسل ابن عمير قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): ما بين قبري و منبري روضة [1] من رياض الجنة

______________________________

[1] حد الروضة طولا من القبر الشريف الى المنبر، و عرضا من

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب المزار الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)،

ج 5، ص: 168

..........

و منبري على ترعة [1] من ترع الجنة، لأن فاطمة عليها السلام بين قبره و منبره، و قبرها روضة من رياض الجنة و اليه ترعة من ترعة الجنة «1»

______________________________

المنبر إلى الأسطوانة الرابعة و هي الآن معلمة بعلامات تمتاز على غيرها من بقاع المسجد، لان اسطواناتها مغطاة بالمرمر الأبيض دون سائر الأسطوانات.

[1] قال في مجمع البحرين: (في حديث آدم: «و انصب الخيمة على الترعة» هي بالضم الروضة في مكان مرتفع و في حديث النبي (صلى اللّه عليه و آله) (ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة و منبري على ترع من ترع الجنّة) الترعة بالضم: الباب الصغير و هي في الأصل الروضة على المكان المرتفع خاصة فإذا كانت في الموضع المطمئن فروضة و الجمع ترع و ترعات كغرف و غرفات فمعنى (و منبري على ترعة من ترع الجنة) ان الصلاة و الذكر في هذا الموضع يؤدّيان إلى الجنّة فكأنه قطعة منها و قوله: (ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة) لأن قبر فاطمة بين قبره و منبره و قبرها روضة من رياض الجنّة و يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة في المنبر و الروضة بأن تكون حقيقتهما كذلك و ان لم يظهرا في الصّورة بذلك في الدنيا لأن الحقائق تظهر بالصورة المختلفة كذا ذكره بعض شرّاح الحديث و هو جيّد

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب المزار حديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 169

..........

ينبغي هنا بيان أمرين الأول- انه قد وقع الخلاف بين العلماء في تعيين قبر فاطمة عليها السلام على أقوال 1- انها دفنت في الروضة الشريفة بين القبر و المنبر و هو حيرة المصنف (قدس

سره) لان ظاهر اقتصاره على استحباب زيارتها من عند الروضة ذلك و يدل على هذا القول المرسل المذكور.

2- انه دفنت في البقيع مع الأئمة الأربعة عليهم السلام و روى على هذا القول أيضا.

3- انها دفنت في بيتها و اختاره الصّدوق (قدس سره) و بيتها متصل بحجرة الرسول التي دفن فيها و لما زيد في المسجد و توسع دخلت الحجرة في المسجد.

و كيف كان فهذا القول أصح، لصحيح البزنطي قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) عن قبر فاطمة (عليها السّلام)؟ فقال: دفنت في بيتها فلما زادت بنو أميّة في المسجد صارت في المسجد «1» و قال في الجواهر: (فاما من قال انها دفنت في البقيع فبعيد عن الصواب و كذلك استبعده ابنا سعيد و إدريس و الفاضل في التحرير و غيره و في المسالك أبعد الاحتمالات كونها في الروضة، و الاولى زيارتها في المواضع الثلاثة الى ان قال: و كيف كان ففيها (اى المسالك) و في المدارك: و الروضة

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب المزار الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 170

و الأئمة عليهم السلام بالبقيع (1)

جزء من مسجد النبي و هي ما بين قبره و منبره الى طرف الظل و لعل ذلك يكون وجه الجمع بين الخبرين) ينبغي هنا الإشارة إلى أمر و هو ان سبب خفاء قبر فاطمة (عليها السلام) هو دفن علي (عليه السلام) لها ليلا من غير ان يشعر بذلك أحد، و كيف كان فينبغي زيانها في المواضع الثلاثة المذكورة.

الثاني- كيفيّة زيارتها على ما رواه إبراهيم بن محمد بن عيسى العريضي قال: حدثنا أبو جعفر (عليه السلام) ذات يوم قال: إذا صرت الى قبر جدتك (عليها السلام)

فقل: يا ممتحنة امتنحك الذي خلقك قبل ان يخلقك فوجدك كما امتحنك صابرة و زعمنا انا لك أولياء و مصدقون و صابرون لكل ما آتانا به أبوك (صلى اللّه عليه و آله) و أتى به وصيّه (عليه السلام) فإنا نسألك إن كنّا صدقناك إلا ألحقنا بتصديقنا لها لنبشر أنفسنا بأنا قد طهّرنا بولايتك «1»

(1) ما افاده المصنّف (قدس سره) من استحباب زيارة الأئمة (عليهم السلام) بالبقيع مما لا ينبغي الارتياب فيه، و ادعى عليه الإجماع، بل انه من ضرورة المذهب أو الدين، مضافا الى الاخبار الكثيرة الدّالة على ذلك- منها:

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 18 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 171

..........

1- خبر زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): ما لمن زار أحدا منكم؟ قال: كمن زار رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) «1» 2- ما رواه هارون بن مسلم عن أبي عبد اللّه الحراني قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): ما لمن زار الحسين (عليه السلام)؟ قال: من أتاه و زاره و صلّى عنده ركعتين كتبت له حجّة مبرورة فإن صلّى عنده اربع ركعات كتبت له حجّة و عمرة قلت جعلت فداك و كذلك كل من زار إماما مفترضة طاعته؟ قال: و كذلك كل من زار إماما مفترضة طاعته «2» 3- ما رواه على الوشاء عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: ان لكل اماما عهدا في عتق أوليائه و شيعته و ان من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعائهم يوم القيامة «3» الى غير ذلك من الأخبار المرويّة عنهم

(عليهم السلام).

ائمة البقيع الأربعة من أئمة أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا، و هم 1- الامام الحسن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

2- الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام).

3- الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 15

(2) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 20

(3) الوسائل ج 2 الباب 2 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 172

[خاتمة]
[يستحب]

خاتمة يستحب المجاورة بها (1)

4- الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) و يستحب زيارة فاطمة بنت أسد والدة الامام علي (عليه السلام) و هي معهم في البقيع بمكان واحد.

(1) لا ينبغي الخلاف و الاشكال في استحباب المجاورة بالمدينة و هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل في الدّروس الإجماع عليه، و قد استدل له- مضافا الى ما ذكر- بوجهين:

الأول- التأسي الثاني- الأخبار منها:

1- ما رواه الحسن بن الجهم قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام): أيهما أفضل المقام بمكة أو بالمدينة فقال: أيّ شي ء تقول أنت؟ قال: فقلت و ما قولي مع قولك قال: ان قولك بردّ إلى قولي، قال: فقلت له: اما انا نازعكم ان المقام بالمدينة أفضل من الإقامة بمكة؟ فقال: اما لئن قلت ذلك، لقد قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): ذلك يوم فطر جاء الى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) فسلم عليه، ثم قال: لقد فضّلنا النّاس اليوم بسلامنا على رسول اللّه «1» 2- خبر مرازم قال: دخلت انا و عمار و جماعة على أبي عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل ج

2 الباب 9 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 173

و الغسل عند دخولها (1)

عليه السلام بالمدينة فقال: ما مقامكم؟ فقال: عمار قد سرحنا ظهرنا و أمرنا أن تؤتي به الى خمسة عشر يوما، فقال: أصبتم المقام في بلد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و الصلاة في مسجده و احملوا لآخرتكم و أكثروا لأنفسكم ان الرجل قد يكون كيسا في الدنيا فيقال (ما أكيس فلانا) و انما الكيس كيس الآخرة «1» 3- ما رواه محمد بن عمر الزيات عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:

من مات في المدينة بعثه اللّه في الآمنين يوم القيامة. «2»

4- في النبوي: (لا يصبر على لأوّاه المدينة و شدتها أحد من أمتي الا كنت له شفيعا يوم القيامة أو شهيدا «3» 5- قوله صلى اللّه عليه و آله للجماعة الذين أرادوا الخروج منها الى أحد الأمصار: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون «4»

(1) لقوله عليه السلام في خبر معاوية بن عمار: (إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها ثم تأتي قبر النّبي (صلى اللّه عليه و آله) فتسلم على رسول اللّه) «5»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 2

(2) الوسائل ج 2 الباب 9 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 3

(3) المستدرك الباب 12 من أبواب المزار الحديث 18

(4) صحيح ابن مسلم ج 4 ص 122

(5) الوسائل ج 2 الباب 6 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 174

و تستحب الصلاة بين القبر و المنبر و هو الروضة (1)

ينبغي هنا الإشارة إلى ما يلي 1- ان

ظاهر إطلاق الأمر و ان كان بداعي الجد، الا ان تسالم الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) على عدم وجوب الغسل قرينة على رفع اليد عن هذا الظهور، و أما الاستحباب فلا وجه لرفع اليد عنه 2- ان مقتضى ظاهره هو الاكتفاء بهذا الغسل لدخول المدينة و المسجد و الزيارة.

(1) اما الصلاة في مسجد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) فإنها تعدل ألف صلاة في غيره الا المسجد الحرام لما روى عنه (صلى اللّه عليه و آله) قال: الصلاة في مسجدي كألف صلاة في غيره الا المسجد الحرام فإن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي «1» و اما تأكد استحباب الصلاة فيما بين القبر و المنبر و هو الروضة كما هو ظاهر كلام المصنف (قدّس سرّه) و غيره فلم نقف فيه على نص بالخصوص و لكن قال جميل بن دراج لأبي عبد اللّه (عليه السلام) الصلاة في بيت فاطمة (عليها السلام) مثل الصلاة في الروضة؟ قال: و أفضل «2» و قال

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 52 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 59 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 175

و ان يصوم الإنسان بالمدينة ثلاثة أيام للحاجة و ان يصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة و في ليلة الخميس عند الأسطوانة التي تلي مقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (1)

يونس بن يعقوب قلت له: الصلاة في بيت فاطمة أفضل أو في الروضة؟

قال: في بيت فاطمة (عليها السلام) «1» و اما استحباب الصلاة بين القبر و المنبر فلقوله (عليه السلام) في صحيح الحلبي: (إذا دخلت المسجد فان استطعت ان تقيم

ثلاثة أيام الأربعاء و الخميس و الجمعة فنصلي بين القبر و المنبر.) «2» و نحوه غيره من الاخبار المروية عنهم عليهم السلام.

(1) اما استحباب صوم ثلاثة أيام بالمدينة المنورة فمما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) و يدل عليه و على باقي ما افاده المصنف (قدس سره) هنا صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام: صمت أول يوم الأربعاء و تصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة و هي أسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها حتى نزل عذره من السماء و تقعد عندها يوم الأربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما يلي مقام النبي (صلى اللّه عليه و آله) ليلتك و يومك، و تصوم يوم الخميس، ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى اللّه عليه و آله و مصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك و يومك

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 59 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب المزار الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 176

..........

و تصوم يوم الجمعة فإن استطعت ان لا تتكلم بشي ء في هذه الأيام فافعل، الا ما لا بد لك منه و لا تخرج من المسجد إلا لحاجة و لا تنام في ليل و نهار فافعل، فان ذلك مما يعد فيه الفضل، ثم احمد اللّه في يوم الجمعة، و أثن عليه، و صلى على النبي (صلى اللّه عليه و آله) و سل حاجتك و ليكن فيما تقول: اللهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت انا في طلبها و التماسها أو لم أشرع سألتكها أو لم أسألكها

فإني أتوجه إليك بنبيك محمد صلى اللّه عليه و آله نبي الرحمة في قضاء حوائجي صغيرها و كبيرها فإنك حرى ان تقضي حاجتك ان شاء اللّه تعالى «1» و صحيحة الآخر قال قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صم الأربعاء و الخميس و الجمعة. إلخ «2» و صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: إذا دخلت المسجد فان استطعت ان تقيم ثلاثة أيام الأربعاء و الخميس و الجمعة فتصلي بين القبر و المنبر يوم الأربعاء عند الأسطوانة التي عند القبر فتدعو اللّه عندها و تسأله كل حاجة تريدها من آخرة أو دنيا و اليوم الثاني عند أسطوانة التوبة و يوم الجمعة عند مقام النبي مقابل الأسطوانة الكثيرة الخلوق فتدعو اللّه عندهن بكل حاجة و تصوم تلك الثلاثة الأيام «3»

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب المزار الحديث 1

(2) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب المزار الحديث 4

(3) الوسائل ج 2 الباب 11 من أبواب المزار الحديث 3

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 177

..........

أبو لبابة ينبغي هنا تعريف أبي لبابة على نحو الإيجاز و الاختصار فنقول: أن أبا لبابة صحابي اسمه بشير بن عبد المنذر، قيل انه تخلف عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) في غزوة تبوك و هي الغزوة التي سار فيها الرسول بنفسه و أمر عليا على المدينة و قال فيه قوله المشهور (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) ثم ندم أبو لبابه على تخلفه و تاب و ربط نفسه بسارية من المسجد و حلف أن لا يذوق طعاما و لا شرابا حتى يتوب اللّه عليه أو يموت، فمكث سبعة أيام على هذا الحال حتى غشي عليه، ثم

تاب اللّه عليه و نزلت الآية بقبول توبته (وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) «1» فجاء النبي الكريم فحله من تلك الأسطوانة و سميت الأسطوانة باسمه فعرفت بأسطوانة أبي لبابة و عرفت أيضا بأسطوانة التوبة لقبول توبته.

ينبغي هنا الإشارة إلى ما يلي 1- يستحب الصوم في المدينة المنورة ثلاثة أيام و ان كان الإنسان مسافرا و ذلك للدليل الخاص و ان لم نقل بجواز صوم المندوب في السفر 2- انه يستحب ذلك سواء كان لأجل الحاجة أو غيرها 3- ينبغي ان يكون الصوم يوم الأربعاء و الخميس و الجمعة لما عرفت

______________________________

(1) سورة التوبة الآية 103

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 178

أن يأتي المساجد بالمدينة كمسجد الأحزاب و مسجد الفتح و مسجد الفضيخ و قبور الشهداء بأحد خصوصا قبر حمزة عليه السلام (1)

(1) لصحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): لا تدع إتيان المشاهد كلها مسجد قبا، فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، و مشربة أم إبراهيم، و مسجد الفضيخ، و قبور الشهداء، و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح، قال و بلغنا ان النبي (صلى اللّه عليه و آله) كان إذا أتى قبور الشهداء قال: السّلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، و ليكن فيما تقول عند مسجد الفتح:

«يا صريخ المكروبين، و يا مجيب دعوة المضطرّين اكشف همّي و غمّي و كربى» كما كشف عن نبيّك همّه و غمّه و كربه و كفيته هول عدوّه في هذا المكان» «1» و ما رواه محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد اللّه

بن هلال عن عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام): انا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيها أبدأ؟ فقال: أبدا بقبا فصلّ فيه و أكثر فإنه أول مسجد صلى فيه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) في هذه العرصة ثم ائت مشربة أم إبراهيم فصل فيها، فإنها مسكن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و مصلاه، ثم تأتي مسجد الفضيخ فتصلي فيه فقد صلى فيه نبيّك، فإذا قضيت هذا الجانب أتيت جانب أحد فبدأت بالمسجد الذي دون الحيرة فصليت فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب فسلمت عليه، ثم مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت: (السّلام عليكم يا أهل الدّيار أنتم لنا فرط و انا بكم لا حقون)، ثم تأتي المسجد الّذي في المكان الواسع الى

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب المزار ما يناسبه الحديث 1

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 179

..........

جنب الجبل عن يمينك حتى تأتي أحدا فتصلي فيه فعنده خرج النبي الى أحد حين لقي المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصلاة فصلى فيه ثم مرّ ايضا حتى ترجع فتصلي عند قبور الشهداء ما كتب اللّه لك ثم امض على وجهك حتى تأتى مسجد الأحزاب فتصلي فيه و تدعوا اللّه فان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) دعا فيه يوم الأحزاب و قال يا صريخ المكروبين و يا مجيب دعوة المضطرين و يا مغيث المهمومين اكشف همّي و كربى و غمّي فقد ترى حالي و حال أصحابي «1» الى غير ذلك من الاخبار المروية عنهم (عليهم السلام) تفصيل الكلام حول ما تضمنته الاخبار فنقول: ان ظاهر اخبار المقام هو استحباب إتيان المساجد المعظمة و

المشاهد المشرّفة حول المدينة المنورة مبتدأ بمسجد قبا:

مسجد قبا مسجد قبا و هو المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم حين ما هاجر النبي الكريم (صلى اللّه عليه و آله) من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة و نزل في قبا و قام فيها بضعا و عشرين ليلة يصلّى بالقصر و كان ينتظر قدوم علي (عليه السلام):

ينبغي هنا الإشارة إلى أمور 1- مسجد قبا أسس قبل أى مسجد بالمدينة المنورة، و فيه نزل قوله تعالى: (. لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ

______________________________

(1) الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب المزار الحديث 2

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 180

..........

فِيهِ رِجٰالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللّٰهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) «1» 2- ان يبعد هذا المسجد عن المدينة المنورة مسافة ثلاثة كيلو مترات و نصف.

3- انه كان امام هذا المسجد بئرا و كان ماؤها عذبا غزيرا لكنها عطلت الآن، و يقال: ان خاتم النبي الكريم سقط فيها فسميت بئر الخاتم، و تسمى ايضا بئر (التفلة) لما يقال من انه (صلى اللّه عليه و آله) تفل فصار ماؤها عذبا و كان ملحا أجاجا.

4- انه يستحب الصلاة في هذا المسجد و روى عن النبي (صلى اللّه عليه و آله) انه قال: من تطهر في بيته و أتى مسجد قبا و صلى فيه ركعتين كان له كأجر عمرة «2» مشربة أم إبراهيم ثم توجه إلى مشربة أم إبراهيم زوجة النبي الكريم و اسمها: (مارية القبطية) فتصلي فيها فإنها مسكن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم) و مصلاه و يقال انه ولدت إبراهيم فيها فمشربة أم إبراهيم اى غرفتها التي كانت فيها.

______________________________

(1) سورة التوبة الآية 109

(2)

الوسائل ج 2 الباب 12 من أبواب المزار الحديث 5

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 181

..........

مسجد الفضيخ (بالضاد و الخاء المعجمتين) ثم تأتي مسجد الفضيخ فتصلي فيه و تدعوا فيه ما شاء من الدعاء ينبغي هنا ذكر وجه تسميته به فنقول: انه قد ذكروا في وجه تسميته به ما يلي:

1- وجود نخل هناك كان يسمى بالفضيخ، و لذلك أطلق عليه هذا الاسم و روى ذلك ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن مسجد الفضيخ، لم سمى الفضيخ؟ قال: نخل يسمى بالفضيخ «1» 2- انه قبل الإسلام كانوا يفضخون فيه التمر (اى يشدخونه) لقول الجوهري (فضخت رأسه شدخته) و كذلك فضخت البسر و الفضيخ شراب يتخذ من البسر وحده من غير ان تمسه النار 3- انه حينما حاصر بنى النضير ضربت قبة قريبا منه و كان يصلى هناك ست ليال و حرمت الخمر هناك و جماعة من الأنصار كانوا يشربون فضيخا فحلوا وكاء السقاء فهرقوه فيه.

ينبغي هنا بيان أمر و هو ان هذا المسجد هو الذي ردت فيه الشمس لعلي (عليه السلام) حتى صلى صلاة العصر

______________________________

(1) التهذيب ج 6 ص 18 الرقم 40 الطبعة الحديثة و الكافي ج 4 ص 561 الطبعة الحديثة

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 182

..........

حينما فاته الوقت بسبب نوم النبي (صلى اللّه عليه و آله) في حجره فلما فرغ من الصلاة انقضت انقضاض الكواكب، كما صرح به في الدروس بل رواه عمار بن موسى قال: دخلت انا و أبو عبد اللّه عليه السلام مسجد الفضيخ فقال يا عمار ترى هذه الوهدة [1] قلت: نعم قالت كانت امرأة جعفر [2] التي خلف عليها أمير المؤمنين (عليه السلام) قاعدة في

هذا الموضع، و معها ابناها من جعفر، فبكت فقال لها ابناها: ما يبكيك يا امه قالت: بكيت لأمير المؤمنين عليه السلام، فقالا لها تبكين لأمير المؤمنين و لا تبكين لأبينا؟ قالت: ليس هذا هكذا و لكن ذكرت حديثا حدثني به أمير المؤمنين في هذا الموضع فابكاني، قالا و ما هو؟ قالت كنت انا و أمير المؤمنين في هذا المسجد، فقال لي ترين هذه الوهدة؟ قلت: نعم قال: كنت انا و رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) قاعدين فيها إذ وضع رأسه في حجري ثم خفق حتى غط [3] و حضرت صلاة العصر فكرهت ان أحرك رأسه عن فخذي فأكون قد آذيت رسول اللّه حتى ذهب الوقت و فاتت فانتبه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) فقال يا علي: صليت؟

قلت: لا [4] قال: و لم ذلك قلت: كرهت أن اؤذيك؟ قال: فقام و استقبل

______________________________

[1] الوهدة الأرض المنخفضة و الهوة من الأرض

[2] يعني بها أسماء بنت عميس التي خلف عليها بعد موت زوجها أمير المؤمنين عليه السلام

[3] خفق اى نام و غط يغط غطيطا النائم: نخر في نومه

[4] تركه عليه السلام الصلاة يمكن ان يكون لعلمه برجوع الشمس

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 183

..........

القبلة و مد يديه كلتيهما، و قال: اللّهم رد الشمس الى وقتها حتى يصلى على فرجعت الشّمس الى وقت الصلاة حتى صليت العصر ثم انقضت [1] انقضاض الكوكب «1» مساجد و مشاهد أحد فإذا فرغت من هذا الجانب توجه الى جانب أحد و ابدأ بالمسجد الأول و هو المعروف بمسجد الحرة فصل فيه و ادع اللّه سبحانه و تعالى، ثم توجه الى أحد لزيارة الحمزة بن عبد المطلب عمّ رسول و

قم عند قبره [2] و اقرأ زيارته: (السّلام عليك يا عمّ رسول اللّه. إلخ) ثم توجه الى قبور الشهداء (رحمهم اللّه تعالى) فقم على قبورهم و أقرأ

______________________________

له أو يقال بأنه صلى إيماء حذرا من إيذاء رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) كما قيل أو يقال انه أراد بذهاب الوقت ذهاب وقت الفضيلة و كذا المراد بفوت الصلاة فوت وقت فضيلتها، أو يقال انه عليه السلام اختار ذلك من باب أهمية استراحته (صلى اللّه عليه و آله) على ترك الصلاة أو يقال انه كان مأمورا به و لذا لم يعترض عليه النبي الكريم حين ما قال له (كرهت ان أوذيك)

[1] انقض الحائط أو الجدار سقط و يقال انقضاض الكوكب انقض الطائر من طيرانه اى هوى و منه انقضاض الكوكب

[2] يبعد قبر الحمزة عن المدينة المنورة أربعة كيلو مترات تقريبا

______________________________

(1) الكافي ج 4 ص 562 الطبعة الحديثة

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 184

..........

زيارتهم (السلام عليكم يا أهل الديار. إلخ).

ثم تأتي الى المسجد الذي في المكان الواسع الى جنب الجبل عن يمينك حتى تأتي أحدا فتصلي فيه فان من هذا المسجد خرج النبي حين لقي المشركين و نصره اللّه عليهم.

مسجد الأحزاب ثم توجه الى مسجد الأحزاب فصل فيه و ادع اللّه سبحانه و تعالى و اما وجه تسميته به فلان النبي (صلى اللّه عليه و آله) دعا فيه يوم الأحزاب و قال: يا صريخ المكروبين و يا مجيب دعوة المضطرين، و يا مغيث الملهوفين، اكشف همّي و كربى و غمّي فقد ترى حالي و حال أصحابي) فاستجاب اللّه تعالى بالفتح على يد أمير المؤمنين و سيد الوصيين بقتله عمر ابن عبد ود العامري و انهزام الأحزاب

(وَ رَدَّ اللّٰهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنٰالُوا خَيْراً وَ كَفَى اللّٰهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتٰالَ. «1» بواسطة أمير المؤمنين علي الذي قتل عمرا و أباد جيثهم و هزم جمعهم.

و كيف كان فهذا المسجد هو مسجد الفتح كما عن العلامة القطع به في جملة من كتبه، و الشهيد في الدروس، و يدل عليه قوله (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمار المتقدم: (و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح) فعليه يكون العطف في عبارة المصنف على الأحزاب دون المسجد

______________________________

(1) سورة الأحزاب الآية 25

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 185

[و يكره]

و يكره النوم في المساجد (1) و يتأكد الكراهة في مسجد النبي (صلى اللّه عليه و آله) (2)

بقية المساجد ثم تأتي إلى مسجد القبلتين و مسجد علي عليه السلام و مسجد سلمان و هذه المساجد على يمين الذاهب الى أحد و الأخيران يكونان تحت الجبل إلى جهة القبلة فيستحب الصلاة فيها.

(1) كراهة النوم في المساجد مما هو المعروف بين الأصحاب (رضوان اللّه تعالى عليهم) بل في المدارك هذا الحكم مقطوع به في كلام أكثر الأصحاب و استدل لذلك بأنه مناف لتوقير المسجد و تعظيمه و انها بيوت اللّه في الأرض كما في خبر أبي بصير و بالمرسل قال عليه السلام: (من نام في المسجد بغير عذر ابتلاه اللّه بداء لا دواء له) «1»

(2) قد صرح الشيخ في النهاية و ابن إدريس في السرائر على شدة كراهة النوم في المسجد الحرام و مسجد النبي (صلى اللّه عليه و آله) و استدل لذلك- مضافا الى زيادة احترامهما و شدة تعظيمهما- بصحيح زيارة بن أعين قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في النوم في المساجد قال: لا بأس

به، الا في المسجدين مسجد النبي و المسجد الحرام، قال:

كان يأخذ بيدي في بعض الليل و يتنحى ناحية، ثم يجلس و نتحدث في المسجد الحرام فربما نام، فقلت له: الكراهة في ذلك؟ فقال: انما يكره

______________________________

(1) جامع الاخبار في الفصل الثاني و الثلاثين

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 186

..........

ان ينام في المسجد الذي كان على عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) فأما الذي في هذا الموضع فليس به بأس «1» و خبر محمد بن حمران الوارد في خصوص مسجد النبي (صلى اللّه عليه و آله) و هو ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال: روى بعض أصحابنا ان رسول اللّه قال:

لا ينام في مسجدي أحد «2» و يمكن القول بأشدية كراهة النوم في مسجد النبي (صلى اللّه عليه و آله) من المسجد الحرام، لظاهر خبر علي بن جعفر قال: سألته عن النوم في المسجد الحرام؟ فقال: لا بأس، و سألته عن النوم في مسجد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله)؟ قال (عليه السّلام): لا يصلح «3» و يومي الى ذلك اقتصار المصنّف (قدّس سرّه).

ينبغي هنا ذكر أمرين الأول- ان ظاهر صحيح زرارة بن أعين عدم كراهة النوم في غير المسجدين بل كاد يكون صريح الاستثناء فيه فضلا عما في ذيله من الصراحة و من هنا استجود في المدارك قصر الكراهة على النّوم فيهما، و تبعه غير واحد من الأصحاب مؤيّدا له مع ذلك بضعف سند دليل إطلاقها و دلالته، قال في الجواهر: (و هو جيد لو لا ان الكراهة مما يتسامح فيها)

______________________________

(1) الوسائل ج 1 الباب 18 من أبواب أحكام المساجد الحديث 2

(2) الوسائل ج 1 الباب 18 من

أبواب أحكام المساجد الحديث 3

(3) الوسائل ج 1 الباب 18 من أبواب أحكام المساجد الحديث 6

كتاب الحج (للشاهرودي)، ج 5، ص: 187

..........

و لكن فيه ما ذكرناه غير مرة من ان قاعدة التسامح في أدلة السنن المستفادة من اخبار من بلغ على فرض تماميتها انما تختص بالمستحبات، و لا يمكن التعدي عن موردها إلى الكراهة فإذا كان دليل الكراهة ضعيفا يسقط عن الاعتبار رأسا.

الثاني- انه لا يبعد عدم تأكد كراهة النوم في المسجد الحرام و مسجد النبي صلى اللّه عليه و آله لصحيح معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن النوم في المسجد الحرام و مسجد الرسول (صلى اللّه عليه و آله) قال: نعم اين ينام الناس «1» و خبر أبي البختري أن المساكين كانوا يبيتون في المسجد على عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) «2» انتهى للّه الحمد و الشكر و قد وقع الفراغ من طبع هذا الجزء في جوار مرقد الامام علي (عليه السلام) في 15 شعبان المعظم من سنة 1393 بقلم مؤلفه العبد الفاني.

محمد إبراهيم الجناتي و الحمد للّه أوّلا و آخرا و صلّى اللّه على محمد و آله الطّاهرين

______________________________

(1) الوسائل ج 1 الباب 18 من أبواب أحكام المساجد الحديث 1

(2) الوسائل ج 1 الباب 18 من أبواب أحكام المساجد الحديث 5

________________________________________

شاهرودى، سيد محمود بن على حسينى، كتاب الحج (للشاهرودي)، 5 جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، دوم، ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.